وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "فشكر الله له" أي: أظهر لملائكته، أو لمن
شاء من خِلْقه الثناء عليه بما فعل من الإحسان لعبيده، وقد تقدَّم: أن أصل
الشكر: الظهور، أو يكون جازاه جزاء الشاكر، فسمَّى الجزاء شكراً، وعبّر عنه
بِشَكَر، كما قال في الرواية الأخرى: "فأُدخل الجنة"، وكلّ ذلك إنما حصل
لذلك الرجل بحسن نيته في تنحيته الأذى، ألا ترى قوله: "والله لأُنَحِّيَنّ هذا
عن المسلمين، لا يؤذيهم". انتهى (?).
(فَغَفَرَ لَهُ") بالبناء للفاعل، وفي رواية لابن حبّان: "حُوسب رجل ممن
كان قبلكم، فلم يوجد له من الخير إلا غُصن شوك كان على الطريق، كان
يؤذي الناس، فعزله، فغُفر له"، وفي رواية له: "غُفر لرجل أخذ غُصن شوك
عن طريق الناس ما تقدّم من ذنبه، وما تأخّر".
قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: وفيه فضيلة إماطة الأذى عن الطريق، وهو كلُّ مُؤْذٍ،
وهذه الإماطة أدنى شُعَب الإيمان، كما سبق الحديث في ذلك في "كتاب
الإيمان" (?)، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنف) هنا [36/ 6646 و 6647 و 6648 و 6649] (2617)،
وتقدّم في "الإمارة" [51/ 4932] (1914)، و (البخاريّ) في "الأذان" (652)
و"المظالم" (2472) و"الجهاد" (2829) و"الطبّ" (5733)، و (أبو داود) في
"الأدب" (5245)، و (الترمذيّ) في "الجنائز" (1063) و"البرّ والصلة"
(1958)، و (النسائيّ) في "الكبرى" (4/ 363)، و (ابن ماجه) في "الأدب"
(3682)، و (مالك) في "الموطأ" (1/ 131)، و (الحميديّ) في "مسنده"
(1134)، و (أحمد) في "مسنده" (2/ 324 و 325 و 533)، و (ابن حبّان) في