مبتدأ خبره قوله: (مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه - (عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ) همّام
(أَحَادِيثَ)، وقوله (مِنْهَا) خبر مقدّم وقوله: (وَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ) مبتدأ مؤخّر؛
لِقَصْد لفظه، ("لَا يُشِيرُ) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: هكذا هو في جميع النُّسخ: "لا يشير"
بالياء بعد الشين، وهو صحيح، وهو نهي بلفظ الخبر، كقوله تعالى: {لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ} [البقرة: 233]، وقد قدّمنا مرّات أن هذا أبلغ من لفظ النهي. انتهى (?).
وقال في "الفتح": قوله: "لا يشير" كذا فيه بإثبات الياء، وهو نفي بمعنى
الثهي، ووقع لبعضهم: "لا يُشِرْ" بغير ياء، وهو بلفظ النهي، وكلاهما جائز.
انتهى.
وقال وليّ الدين -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "لا يشير" من الإشارة، وهو المعروف،
ووقع أيضاً بإثبات الياء مرفوعاً، وهو نهي بلفظ الخبر، كقوله تعالى: {لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} [البقرة: 233]، وقوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ}،
وهو أبلغ وآكد من صيغة النهي. انتهى (?).
(أَحَدُكُمْ إِلَى أَخِيهِ بِالسِّلَاحِ، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَحَدُكُمْ لَعَلَّ الشَّيْطَانَ يَنْزِعُ فِي
يَدِهِ) قال النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: "ينزع" ضبطناه بالعين المهملة، وكذا نقله القاضي عن
جميع روايات مسلم، وكذا هو في نُسخ بلادنا، ومعناه: يرمي في يده، ويُحَقِّق
ضربته، ورَمْيَته، ورُوي في غير مسلم بِالْغين المعجمة، وهو بمعنى الإغراء؛
أي: يَحْمِل على تحقيق الضرب به، ويزيّن ذلك. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "وروي في غير مسلم" هي رواية
البخاريّ، ولفظه: "فإنه لا يدري لعلّ الشيطان ينزغ في يده". قال في "الفتح":
قوله: "ينزغِ في يده" بالغين المعجمة، قال الخليل في "العين": نزغ الشيطان
بين القوم نزْغاً: حَمَل بعضهم على بعض بالفساد، ومنه: مِن بَعْدِ أَنَّ نزغ
الثَمَيْطَنُ ئتنِى وَبَئن إِخْوَقى أيوسف: 100]، وفي رواية الكشميهني بالعين
المهملة، ومعناه قَلَعَ، ونَزَع بالسهم: رمى به، والمراد: أنه يُغري بينهم، حتى
يضرب أحدهما الآخر بسلاحه، فيحقّق الشيطان ضربته له، وقال ابن التين: