(فِي الْجَنَّةِ) فيه أن آدم - عَلَيْهِ السَّلَامْ - خُلق في الجنّة، (تَرَكَهُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَتْرُكَهُ)
"ما" هذه بمعنى المدّة، (فَجَعَلَ)؛ أي: فشَرَع من كمال تلبيسه، (إِبْلِيسُ) قال
الفيّوميّ: أعجميّ، ولهذا لا ينصرف؛ للعجمة والعلميّة، وقيل: عربيّ مشتقّ من
الإبلاس، وهو اليأس، ورُدّ بأنه لو كان عربيًّا لانصرف، كما ينصرف نظائره،
نحو إِجْفيل، وإِخْريط. انتهى (?).
(يُطِيفُ بِهِ) بضمّ حرف المضارعة، قال أهل اللغة: طاف بالشيء يطوف
طَوْفًا وطَوَافًا، وأطاف يُطيف: إذا استدار حواليه (?).
وقال المناويّ: "يُطيف به"؛ أي: يستدير حوله، ينظر إليه من جميع
جهاته، وقوله: (يَنْظُرُ مَا هُوَ؟ ) استئناف بيانيّ، أو حال؛ أي: يتفكر في عاقبة
أمره، ويتأمل ماذا يظهر منه؟ (?). (فَلَمَّا رَآهُ أَجْوَفَ) الأجوف الذي له جوف،
قاله ابن الأثير، وقال النوويّ: الأجوف صاحب الجوف، وقيل: هو الذي
داخله خالٍ (?). (عَرَفَ أَنَّهُ خُلِقَ خَلْقًا لَا يَتَمَالَكُ")؛ أي: لا يتقوى بعضه
ببعض، ولا قوّة له، ولا ثبات، بل يكون متزلزل الأمر، متغيّر الحال، متعرضًا
للآفات، والتمالك: التماسك، وقيل: المعنى: لا يقدر على ضَبْط نفسه من
المنع عن الشهوات، وقيل: لا يملك دفع الوسواس عنه، وقيل: لا يملك نفسه
عند الغضب، قاله القاري (?).
وقال النوويّ: معنى "لا يتمالك": لا يملك نفسه، ويحبسها عن
الشهوات، وقيل: لا يملك دفع الوسواس عنه، وقيل: لا يملك نفسه عند
الغضب، والمراد: جنس بني آدم - عَلَيْهِ السَّلَامْ -؛ أي: لا كلّهم؛ لأنَّ فيهم معصومين.
انتهى (?).
وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: يعني: أن الله تعالى لمّا صوّر طينة آدم، وشكّلها