ترجمته في "الصلاة" 8/ 858. (قَالَ) ابن عبّاس: (فَجئْتُ) إلى معاوية لأدعوه
له - صلى الله عليه وسلم -، فوجدته يأكل، فرجعت إليه - صلى الله عليه وسلم - (فَقُلْتُ: هُوَ يَأْكُلُ)؛ يعني: أنه مشغول
بالأكل عن المجيء. (قَالَ) ابن عبّاس: (ثُمَّ قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - (لِي: "اذْهَبْ، وَادْعُ لِي
مُعَاوِيَةَ") - رضي الله عنه -. (قَالَ) ابن عبّاس: (فَجئْتُ) مرّة ثانية؛ لأدعوه له، فما زال
يأكل، فرجعت إليه - صلى الله عليه وسلم - (فَقُلْتُ: هُوَ يَأْكُلُ، فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك: ("لَا أَشْبَعَ اللهُ
بَطْنَهُ") قال القرطبيّ رحمه الله: يَحْتَمِل أن يكون هذا من نوع: "لا كبر سنّك" كما
قلناه، على تقدير أن يكون معاوية من الأكل في أمر كان معذورًا به، من شدّة
الجوع، أو مخافة فساد الطعام، أو غير ذلك، وهذا المعنى تأوّل من أدخل
هذا الحديث في مناقب معاوية - رضي الله عنه -، فكأنه كَنَى به عن أنه دعا عليه بسبب أمْر
كان معذورًا به، فحَصَل له من دعاء النبيّ - صلى الله عليه وسلم - الكفّارة، والرحمة، والقربة
إلى الله تعالى التي دعا بها النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، كما ذكرناه.
وَيحْتَمَل أن يكون هذا الدعاء من النبيّ - صلى الله عليه وسلم - على حقيقته؛ تأديبًا
لمعاوية - رضي الله عنه - على تثبّطه، وتأخّره عن إجابة دعوة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وإجابةُ دعوته - صلى الله عليه وسلم -
واجبة على الفور، بدليل حديث أبيّ - رضي الله عنه - الذي أنكر عليه في ترك إجابته،
وكان أُبَيّ في الصلاة. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله (?).
وقال النوويّ رحمه الله: وقوله: "حطأةً" بفتح الحاء، وإسكان الطاء، بعدها
همزة، وهو الضرب باليد مبسوطة بين الكتفين، وإنما فَعَل - صلى الله عليه وسلم - هذا بابن
عباس - رضي الله عنهما - ملاطفةً، وتأنيسًا، وأما دعاؤه على معاوية - رضي الله عنه - أن لا يشبع حين
تأخر ففيه الجوابان السابقان:
أحدهما: أنه جرى على اللسان بلا قصد.
والثاني: أنه عقوبة له لتأخره، وقد فَهِم مسلم رحمه الله من هذا الحديث أن
معاوية لم يكن مستحقًّا للدعاء عليه، فلهذا أدخله في هذا الباب، وجعله غيره
من مناقب معاوية - رضي الله عنه -؛ لأنه في الحقيقة يصير دعاءً له. انتهى.
وقوله: (قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى)؛ أي: محمد بن المثنّى شيخه الأول في هذا
الحديث، (قُلْتُ لأُمَيَّةَ: مَا حَطَأَنِي؟ قَالَ: قَفَدَنِي قَفْدَةً) قال الأبيّ رحمه الله: الحطأة