(عَلَيْهِ، فَلَعَنَهُ)؛ أي: دعا عليه بأن يكون ملعونًا؛ أي: مطرودًا من رحمة الله
تعالي، (فَلَمَّا أَصْبَحَ)؛ أي: دخل عبد الملك في الصباح، (قَالَتْ لَهُ أُمُّ
الدَّرْدَاءِ: سَمِعْتُكَ اللَّيْلَةَ) منصوب على الظرفيّة، (لَعَنْتَ خَادِمَكَ حِينَ دَعَوْتَهُ)؛
أي؛ وقت دعائك إياه، (فَقَالَتْ: سَمِعْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ) عويمر بن زيد بن
قيس - رضي الله عنه - (يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لَا) نافية، (يَكُونُ اللَّعَّانُونَ)؛ أي:
المكثرون من اللعن (شُفَعَاءَ) معناه: لا يشفعون يوم القيامة حين يشفع المؤمنون
في إخوانهم الذين استوجبوا النار، (وَلَا شُهَدَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ") فيه ثلاثة أقوال:
أصحّها وأشهرها: لا يكونون شهداء يوم القيامة على الأمم بتبليغ رُسُلهم
إليهم الرسالات.
والثاني: لا يكونون شهداء في الدنيا؛ أي: لا تُقبل شهادتهم بفسقهم.
والثالث: لا يُرزقون الشهادة، وهي القتل في سبيل الله تعالي، كذا قال
النوويّ (?).
وقال الحاكم الترمذيّ في "نوادره": لا يكون اللعانون شهداء؛ لِمَا عندهم
من الإِحْنة، والعداوة، والْجَور، ولا يكونون شفعاء؛ لأنَّ قلوبهم خالية من
الرحمة. انتهى (?).
وقال البغويّ في "شرح السُّنَّة": معناه: لا يكونون في الجملة التي تُستشهد
يوم القيامة على الأمم التي كذّبت أنبياءها - عَلَيْهِم السَّلَامْ -؛ لأنَّ من فضيلة هذه الأمة أنهم
يشهدون للأنبياء - عَلَيْهِم السَّلَامْ - بالتبليغ إذا كذّبهم قومهم. انتهى (?)، والله تعالى أعلم.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي الدرداء - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ -.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [24/ 6587 و 6588 و 6589] (2598)،
و(البخاريّ) في "الأدب المفرد" (1/ 117)، و (أبو داود) في "الأدب"