وإنما خصّ اللعّان بالذكر، ولم يقل: اللاعن؛ لأنَّ الصدّيق قد يلعن من
أمر الشرع بلَعْنه، وقد يقع منه اللعن فَلْتَةً، ونُدْرةً، ثم يتراجع، وذلك لا يخرجه
عن الصدّيقيّة.
ولا يفهم مِن نِسبتنا الصدّيقيّة لغير أبي بكر الصدّيق - رضي الله عنه - مساواة غيره له في
صدّيقيّته، فمانَّ ذلك باطل بما قد عُلِم أن أبا بكر - رضي الله عنه - أفضل الناس بعد
رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على ما تقدَّم، لكن المؤمنون الذين ليسوا بلعّانين لهم حظٌّ من تلك
الصدّيقيّة، ثم هم متفاوتون فيها على حسب ما قُسِم لهم منها (?)، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ -.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [24/ 6585 و 6586] (2597)، و (البخاريّ) في
"الأدب المفرد" (317)، و (أحمد) في "مسنده" (2/ 337 و 365)، و (القضاعيّ)
في "مسند الشهاب" (2/ 52)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (10/ 193) و"شُعب
الإيمان" (4/ 293)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائدة:
1 - (منها): بيان التحذير عن كثرة اللعن، وأنه ينافي صفة الإيمان، ولذا
جاء في حديث الترمذي من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - بلفظ: "لا ينبغي للمؤمن أن
يكون لَعّانًا"، وفي لفظ: "لا يكون المؤمن لَعّانًا"، قال الترمذيّ: حديث
حسن، وفي حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - مرفوعًا عند الترمذيّ أيضًا، وصححه ابن
حبّان: "ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا البذيء ولا الفاحش".
2 - (ومنها): بيان أن مرتبة الصدّيقين أرفع مراتب المؤمنين، حيث إنهم
متّصفون بالرحمة، والشفقة على عباد الله، فلا يكونون لعّانين، ولا طعّانين،
أخرج البخاريّ في "الأدب المفرد" (?)، والبيهقيّ في "شُعب الإيمان" (?) عن