[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:
أنه من سُداسيّات المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ -، وأن نصفه الأول مسلسلٌ بالبصريين،
والثاني بالكوفيين، غير عائشة - رضي الله عنها -، فمدنيّة، وفيه رواية الابن عن أبيه في
موضعين، وفيه - رضي الله عنها -.
شرح الحديث:
(عَنْ عَائِشَةَ) - رضي الله عنها - (زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) بالجر على البدليّة، (عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -)؛
أنه (قَالَ: إِنَّ الرِّفْقَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ) من الذوات، أو الأعراض، (إِلَّا زَانَهُ)؛
أي: جعل فيه الزَّين، وهو نقيض الشَّيْن، قال الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "يكون"
يَحْتَمِل أن تكون تامّةً، و"في شيء" متعلق بها، وأن تكون ناقصة، و"في شيء"
خبرها، فالاستثناء مُفَرَّغ من أعمّ وصْف الشيء؛ أي: لا يكون الرفق مستقرًّا
في شيء يتّصف بوصف من الأوصاف، إلَّا بصفة الزينة، والشيء عامّ في
الأعراض، والذوات. انتهى (?).
وقد بيّن في الرواية التالية سبب قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لها ذلك، فقال: "ركبت عائشة
بعيرًا، فكانت فيه صعوبة، فجعلت تردّده، فقال لها رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: عليكِ
بالرفق ... " الحديث، وفي رواية البيهقيّ: عن عائشة - رضي الله عنها - أنَّها كانت على
جَمَل، فجعلت تضربه، فقال النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "يا عائشة عليك بالرفق، فإنه لَمْ يكن
في شيء إلَّا زانه، ولم ينزع من شيء إلَّا شانه". (وَلَا يُنْزَعُ) بالبناء للمفعول؛
أي: لا يُفقَد، ولا يُعْدَم (مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ") من باب باع؛ أي: عابه،
وتنقّصه، والشَّين خلاف الزَّيْن، والله تعالى أعلم.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عائشة - رضي الله عنها - تها هذا من أفراد المصنّف - رَحِمَهُ اللهُ -.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [23/ 6579 و 6580] (2594)، و (البخاريّ) في
"الأدب المفرد" (469 و 475)، و (أبو داود) في "الجهاد" (2478) و"الأدب"