ففيه ثلاثة من التابعين روى بعضهم عن بعض، وأن صحابيّه من فضلاء

الصحابة -رضي الله عنهم-، وفي "الصحيحين" عنه قال: "ما حجبني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منذ

أسلمت، ولا رآني إلا تبسّم"، وسمّاه عمر -رضي الله عنه-: يوسف الأمة، لجماله، والله

تعالى أعلم.

شرح الحديث:

(عَنْ جَرِيرٍ، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ) شرطيّة، أو موصولة مبتدأ، (يُحْرَمِ)

بالبناء للمفعول، وجزمه، على الشرطيّة، ويَحْتَمِل الرفع على أن "من" موصولة،

وقوله: (الرِّفْقَ) منصوب على أنه مفعول ثان، والرفق بكسر الراء، وسكون

الفاء، بعدها قاف: هو لِيْن الجانب بالقول والفعل، والأخذ بالأسهل، وهو

ضد العُنْف، قاله في "الفتح" (?).

وقال القاري: الرفق بالكسر: ضدّ العُنف، وهو المداراة مع الرفقاء،

ولِيْن الجانب، واللطف في أخذ الأمر بأحسن الوجوه، وأيسرها. انتهى (?).

وقوله: (يُحْرَمِ الْخَيْرَ) بالجزم، لكنه مكسور للالتقاء الساكنين، وهو

جواب "من" على أثها شرطيّة، وخبرها على أنها موصولة، والمعنى: أن من

يَصِر محرومًا من الرفق يُحْرَم الخير كله، ففيه فضل الرفق والحث على التخلق

به وذم العنف وإن الرفق سبب كل خير (?).

وقال في "المبارق": "يُحرم" من الحرمان، وهو متعدّ إلى مفعولين،

أحدهما الضمير النائب عن الفاعل، والثاني "الرفق" في الأول، و"الخير" في

الثاني، واللام في "الرفق" للحقيقة، وهو ضدّ العنف؛ أي: من يُحرم الرفق

صار محرومًا من الخير، واللام فيه للعهد الذهنيّ، وهو الخير الحاصل من

الرفق. انتهى.

وقال القاضي: يدلّ أن الرفق خير كلّه، وسبب كلّ خير، وجالب كلّ

نفع، وضدّه الخَرْق، وا لاستعجال، والعُنف، وهو مفسد للأعمال، وموجب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015