أُخْرَى (13)} [النجم: 13]، والظاهر أنه مُستنَدُهُ، فقد صَحَّ عنه أن هذا المرئي جبريل رآه مرتين في صورته التي خُلِق عليها، وقول ابن عباس هذا هو مُستند الإمام أحمد في قوله: رآه بفؤاده، والله أعلم. انتهى كلام ابن القيّم رحمه الله (?).
وقال القاضي عياض رحمه الله: رؤية الله سبحانه وتعالى جائزة عقلًا، وثبتت الأخبار الصحيحة المشهورة بوقوعها للمؤمنين في الآخرة، وأما في الدنيا، فقال مالك: إنما لم يُرَ سبحانه وتعالى في الدنيا؛ لأنه باق، والباقي لا يُرَى بالفاني، فماذا كان في الآخرة، ورُزِقوا أبصارا باقيةً، رأوا الباقي بالباقي، قال عياض: وليس في هذا الكلام استحالة الرؤية، إلا من حيث القدرة، فإذا أقْدَر الله مَن شاء من عباده عليها لم يمتنع.
وقال الحافظ: وقع في "صحيح مسلم" ما يؤيد هذه التفرقة، في حديث مرفوع فيه: "واعلموا أنكم لن تَرَوا ربكم حتى تموتوا"، وأخرجه ابن خزيمة أيضًا من حديث أبي أُمامة، ومن حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنهما -، فإن جازت الرؤية في الدنيا عقلا، فقد امتنعت سَمْعًا، لكن من أثبتها للنبي - صلى الله عليه وسلم - له أن يقول: إن المتكلم لا يدخل في عموم كلامه.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا عجيب من الحافظ، كيف يحتجّ بقول مُختلَف فيه بين الأصوليين، ويترك النصوص التي جاءت بنفي رؤيته - صلى الله عليه وسلم - ربّه، كقول عائشة - رضي الله عنها -: "أنا أوّل من سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن هذا، فقلت: يا رسول الله، هل رأيت ربّك؟ فقال: لا، إنما رأيت جبريل منهبطًا"، وكحديث أبي ذرّ - رضي الله عنه -: هل رأيت ربّك؟ قال: "لا، نورٌ أنّى أراه؟ "، فهل بعد هذا النصّ يمكن الاستدلال بما قاله بعض الأصوليين؟ ؛ إن هذا لشيء عُجَاب.
قال: وقد اختَلَفَ السلف في رؤية النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ربه، فذهبت عائشة، وابن مسعود إلى إنكارها، واختُلِف عن أبي ذرّ، وذهب جماعة إلى إثباتها، وحَكَى عبد الرزاق، عن معمر، عن الحسن، أنه حَلَفَ أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - رأى