قال الحافظ: وهكذا وقع لنا في أواخر الجزء الأول من فوائد أبي
إسحاق الهاشميّ، وأخرجه الخطيب، فيُحْمَل على التعدد.
وقد حكى المنذريّ في "مختصره" القولين، فقال: هو عيينة، وقيل:
مخرمة، وأما ابن الْمُلَقِّن فاقتصر على أنه مخرمة، وذكر أنه نقله من حاشية
بخطّ الدمياطيّ، فقصر، لكنه حَكَى بعد ذلك عن ابن التين أنه جَوَّز أنه عيينة،
قال: وصَرَّح به ابن بطال، ذكره في "الفتح" (?).
(اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-)؛ أي: بأن يدخل عليه، (فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم-: ("ائْذَنُوا لَهُ)
بالدخول، (فَلَبِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ، أَوْ بِئْسَ رَجُلُ الْعَشِيرَةِ") وفي رواية معمر التالية:
لة بئس أخو القوم، وابن العشيرة"، وفي رواية البخاريّ: "بئس أخو العشيرة،
وبئس ابن العشيرة"، والمعنى واحد، قال عياض: المراد بالعشيرة الجماعة، أو
القبيلة، وقال غيره: العشيرة: الأدنى إلى الرجل من أهله، وَهُمْ وَلَد أبيه وجدّه.
وقال في "العمدة"؛ أي: بئس هذا الرجل منها، وهو كقولك: يا أخا
العرب لرجل منهم، وهذا الكلام من أعلام النبوة؛ لأنه ارتدّ بعده -صلى الله عليه وسلم-، وجيء
به أسيرًا إلى أبي بكر -رضي الله عنه- (?).
(فَلَمَّا دَخَلَ) الرجل (عَلَيْهِ) -صلى الله عليه وسلم- (ألَانَ لَهُ الْقَوْلَ) وفي رواية البخاريّ: "فلما
جلس تَطَلّق النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في وجهه، وانبسط إليه"، و"تطلّق" -بفتح الطاء المهملة،
وتشديد اللام-؛ أي: أبدى له طَلاقة وجهه، يقال: وَجْهُهُ طَلْق، وطَلِيق؛ أي:
مسترسِل، منبسِط، غير عَبوس، ووقع في رواية ابن عامر: "بَشّ في وجهه"،
ولأحمد من وجه آخر، عن عائشة: "واستأذن آخر، فقال: نِعْم أخو العشيرة،
فلما دخل لم يهشّ له، ولم ينبسط كما فعل بالآخر، فسألته ... "، فذكر
الحديث.
(قَالَتْ عَائِشَةُ) -رضي الله عنها-: (فَقُلْتُ) بعدما خرج الرجل من المجلس: (يَا
رَسُولَ اللهِ، قُلْتَ لَهُ الَّذِي قُلْتَ)؛ تعني: قوله -صلى الله عليه وسلم-: "ائذنوا له، فلبئس أخو
العشيرة"، وفي رواية البخاريّ: "فلما انطلق الرجل قالت له عائشة: يا