والثاني بالمدنيين، وفيه رواية الابن عن أبيه، وفيه أبو هريرة -رضي الله عنه-، سبق القول
فيه غير مرّة.
شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) -رضي الله عنه- (عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-)؛ أنه (قَالَ: لَا) نافية، ولذا
رُفع الفعل بعدها، (يَسْتُرُ اللهُ عَلَى عَبْدٍ فِي الدُّنْيَا) بأن لم يفضحه بإظهار
ذنبه بين الناس، (إِلَّا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ") قال القاضي عياض رحمهُ اللهُ:
يَحْتَمِل وجهين:
أحدهما: أن يستر معاصيه، وعيوبه عن إذاعتها في أهل الموقف.
والثاني: تَرْك محاسبته عليها، وتَرْك ذِكرها، قال: والأول أظهر؛ لِمَا
جاء في الحديث الآخر: يقرّره بذنوبه، يقول: سترتها عليك في الدنيا، وأنا
أغفرها لك اليوم. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: أشار بقوله في الحديث الآخر إلى ما أخرجه
البخاريّ في "صحيحه" عن صفوان بن مُحْرِز المازنيّ قال: بينما أنا أمشي مع
ابن عمر -رضي الله عنهما-، آخِذ بيده، إذ عَرَض رجل، فقال: كيف سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
يقول في النجوى؟ فقال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الله يُدني المؤمن،
فيضع عليه كَنَفه، وششره، فيقول: أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ فيقول:
نعم أي ربّ، حتى إذا قرّره بذنوبه، ورأى في نفسه أنه هلك، قال: سترتها
عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم، فيُعْطَى كتاب حسناته، وأما الكافر،
والمنافق، فيقول الأشهاد: {هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى
الظَّالِمِينَ} [هود: 18] "، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هذا من أفراد المصنّف رحمهُ اللهُ،
وسيأتي مطوّلًا برقم (2699).
(المسألة الثانية): في تخريجه: