وقوله: (يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضاً) بيان لوجه التشبيه، وقال الكرمانيّ: نصب
"بعضاً" بنزع الخافض، وقال غيره: بل هو مفعول "يشُدّ" قال الحافظ: ولكلًّ
وجه.
وقال ابن بطال: والمعاونة في أمور الآخرة، وكذا في الأمور المباحة من
الدنيا مندوب إليها، وقد ثبت حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً: "والله في عون
العبد ما دام العبد في عون أخيه".
وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "المؤمن للمؤمن كالبنيان ... إلخ" تمثيل يفيد
الحضّ على معونة المؤمن للمؤمن، ونُصرته، وأن ذلك أمرٌ متأكد، لا بُدّ منه،
فإنَّ البناء لا يتمّ أمره، ولا تحصل فائدته، إلا بأن يكون بعضه يُمسك بعضاً،
ويقوّيه، فإن لم يكن كذلك انحلّت أجزاؤه، وخَرِب بناؤه، وكذلك المؤمن لا
يستقلّ بأمور دنياه ودينه، إلا بمعونة أخيه، ومعاضدته، ومناصرته، فإن لم يكن
ذلك عجز عن القيام بكل مصالحه، وعن مقاومة مضادّه، فحيمئذ لا يتم له نظام
دنيا، ولا دين، ويلتحق بالهالكين. انتهى (?).
[تنبيه]: زاد في رواية البخاريّ: "ثم شَبّك بين أصابعه"، قال في
"الفتح": هو بيان لوجه التشبيه أيضاً؛ أي: يشدّ بعضهم بعضاً مثل هذا الشدّ،
وشمتفاد منه أن الذي يريد المبالغة في بيان أقواله يُمَثِّلها بحركاته؛ ليكون أوقع
في نفس السامع. انتهى (?).
وقال المناويّ - رحمه الله -: قوله: "ثم شبك بين أصابعه"؛ أي: يشدّ بعضهم
بعضاً مثل هذا الشذ، فوقع التشبيك تشبيهاً لِتعاضد المؤمنين بعضهم ببعض،
كما أن البنيان المُمْسك بعضه ببعض يشدّ بعضه بعضاً، وذلك لأن أقواهم لهم
ركن، وضعيفهم مستنِد لذلك الركن القويّ، فإذا والاه قَوِي. انتهى (?)، والله
تعالى أعلم.