وقال المطرزيّ: سُمِّيت قريش بدابة في البحر، هي سيدة الدواب
البحرية، وكذلك قريش سادة الناس، قال الشاعر [من الخفيف]:
وَقُرَيْشٌ هِيَ الَّتِي تَسْكُنُ الْبَحْـ ... رَ بِهَا سُمِّيَتْ قُرَيْشٌ قُرَيْشَا
تَأكُلُ الْغَثَّ وَالسَّمِينَ وَلَا تَتْـ ... رُكُ فِيهِ لِذِي جَنَاحَيْنِ رِيشَا
هَكَذَا فِي الْبِلَادِ حَيُّ قُرَيْشٍ ... يَأْكُلُونَ الْبِلَادَ أَكْلًا كَمِيشَا
وَلَهُمْ آخِرَ الزَّمَانِ نَبِيٌّ ... يُكْثِرُ الْقَتْلَ فِيهِمْ وَالْخُمُوشَا
وقال صاحب "المحكم": قريش دابة في البحر، لا تدع دابة في البحر
إلا أكلتها، فجميع الدوابّ تخافها، وأنشد البيت الأول.
قال الحافظ: والذي سمعته من أفواه أهل البحر: القِرْش- بكسر القاف،
وسكون الراء- لكن البيت المذكور شاهد صحيح، فلعله من تغيير العامّة، فإن
البيت الأخير من الأبيات المذكورة يدلّ على أنه من شِعر الجاهلية، ثم ظهر لي
أنه مصغَّر القرش الذي بكسر القاف.
وقد أخرج البيهقيّ عن ابن عباس قال: قريش تصغير قرش، وهي دابة
في البحر، لا تمرّ بشيء من غَثّ، ولا سمين إلا أكلته.
وقيل: سمّي قريشًا لأنه كان يقرش عن خلة الناس وحاجتهم، ويسدّها،
والتقريش هو التفتيش، وقيل: سُمُّوا بذلك؛ لمعرفتهم بالطِّعان، والتقريشُ: وَقْعُ
الأسنة، وقيل: التقرش: التنزه عن رذائل الأمور، وقيل: هو مِن أقرشت
الشجةُ إذا صدعت العظم، ولم تهشمه، وقيل: أقرش بكذا: إذا سعَى فيه،
فوقع له، وقيل غير ذلك، قاله في "الفتح" (?).
(وَالأَنْصَارُ، وَمُزَيْنَةُ، وَجُهَيْنَةُ، وَأَسْلَمُ، وَغِفَارُ، وَأَشْجَعُ) تقدّم الكلام في هذه
القبائل، "قريش" وما عُطف عليه مبتدأ، خبره قوله: (مَوَالِيَّ)؛ أي: ناصريّ،
والمختصّين بي، وهو أيضًا وليّهم وناصرهم، والمتكفّل بهم، وبمصالحهم (?).
فقوله: "مواليّ"- بتشديد التحتانية- إضافة إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وهذا هو
المناسب هنا، وإن كان للمولى عدّة معان، ويروى بتخفيف التحتانية،