المدينة، وكان ثقةً، فاضلًا عابدًا [5] (ت 125) وقيل: بعدها، وهو ابن اثنتين
وسبعين سنةً (ع) تقدم في "المقدمة" 5/ 31.
والباقون ذُكروا في الباب الماضي.
[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:
أنه من سُداسيّات المصنّف رحمه الله، وأن نصفه الأول مسلسلٌ بالكوفيين،
والثاني بالمدنيين، وفيه رواية تابعيّ عن تابعيّ، وفيه أبو هريرة - رضي الله عنه - رأس
المكثرين السبعة.
شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه -؛ أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "قُرَيْشٌ) هم ولد
النضر بن كنانة، وبذلك جزم أبو عبيدة، أخرجه ابن سعد، عن أبي بكر بن
الجهم، ورُوي عن هشام بن الكلبي عن أبيه: كان سُكّان مكة يزعمون أنهم قريش
دون سائر بني النضر، حتى رحلوا إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فسألوه: مَن قريش؟ قال: "مَن
وَلَد النضرُ بن كنانة"، وقيل: إن قريشًا هم وَلَد فهر بن مالك بن النضر، وهذا
قول الأكثر، وبه جزم مصعب، قال: ومن لم يلده فهر فليس قرشيًا، وعن ابن
الكلبي مثله، وقيل: أول مَن نُسب إلى قريش: قُصَيّ بن كلاب، فروى ابن سعد
أن عبد الملك بن مروان سأل محمد بن جبير: متى سُمِّيت قريش قريشًا؟ قال:
حين اجتمعت إلى الحرم بعد تفرّقها، فقال: ما سمعت بهذا، ولكن سمعت أن
قصيًّا كان يقال له: القرشيّ، ولم يسمّ أحد قريشًا قبله، وروى ابن سعد من طريق
المقداد: لمّا فرغ قُصَيّ من نفي خزاعة من الحرم، تجمعت إليه قريش، فسُمّيت
يومئذ قريشًا؛ لحال تجمعها، والتقرش: التجمع، وقيل: لتلبّسهم بالتجارة،
وقيل: لأن الجد الأعلى جاء في ثوب واحد متجمعًا فيه، فسمِّي قريشًا، وقيل:
من التقرش، وهو أخذ الشيء أوّلًا، فأوّلًا، وقد أكثر ابن دحية من نقل الخلاف
في سبب تسمية قريش قريشًا، ومن أول من تسمى به، وحَكَى الزبير بن بكار عن
عمه مصعب أن أول من تسمى قريشًا: قريش بن بدر بن مخلد بن النضر بن
كنانة، وكان دليل بني كنانة في حروبهم، فكان يقال: قدمت عير قريش، فسُمّيت
قريش به قريشًا، وأبوه صاحب بدر الموضع المعروف.