بالمغفرة، أو إخبارًا بأن الله تعالى قد غفر لها، وكذلك معنى "أسلم

سالمها الله": يَحتمِل أن يكون دعاء لها أن يسالمها الله تعالى، ولا يأمر

بحربها، أو يكون إخبارًا بأن الله قد سالمها، ومَنَع من حربها، وإنما خُصَّت

هاتان القبيلتان بالدعاء؛ لأن غفارًا أسلموا قديمًا، وأسلم سالموا النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (?).

وقال في "العمدة": قوله: "وأسلم سالمها الله" من المسالمة، وتَرْك

الحرب، أو هو دعاء بأن الله يصنع بهم ما يوافقهم، أو "سالمها" بمعنى:

سَلّمها الله، نحو: قاتله الله بمعنى: قتله الله، وفيهما من جناس الاشتقاق ما

يَلِذّ على السمع؛ لسهولته، وهو من الاتفاقات اللطيفة.

وقال الخطابيّ: يقال: إن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - دعا لهاتين القبيلتين؛ لأن دخولهما

في الإسلام كان من غير حرب، وكانت غفار تُتَّهَم بسرقة الحاجّ، فأحب

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يمحو عنهم تلك المسبّة، وأن يُعْلِم أن ما سلف منهم مغفور

لهم. انتهى (?)، والله تعالى أعلم.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي ذرّ رضي الله عنه هذا من أفراد المصنّف رحمه الله.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [46/ 6408 و 6409 و 6410، (2514)،

و(الدارميّ) في "سننه" (2/ 316)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

1 - (منها): بيان فضل هاتين القبيلتين: غفار، وأسلم.

2 - (ومنها): بيان مشروعيّة الدعاء بما يشتق من الاسم كما يقال

لأحمد: أحمد اللهُ عاقِبَتَك، ولعليّ: أعلاك الله، وهو من جناس الاشتقاق،

ولا يُختص بالدعاء، بل يأتي مثله في الخبر، ومنه قوله تعالى: {وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ} الآية [النمل: 44]، وسيأتي في الباب حديث: "وعُصيّة عَصَتِ الله

ورسوله".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015