ونقل ابن بطال عن القابسيّ قال: قوله: "ممتنًا"؛ يعني: متفضلًا عليهم
بذلك، فكأنه قال: يمتن عليهم بمحبته.
ووقع في رواية أخرى: "مَتِينًا" بوزن عظيم؛ أي: قام قيامًا مستويًا منتصبًا
طويلًا.
ووقع في رواية ابن السكن: "فقام يمشي"، قال عياض: وهو تصحيف.
قال الحافظ: ويؤيد التأويل الأول ما تقدم في "فضائل الأنصار" بلفظ:
"فقام مُمْثِلًا" بضم أوله، وسكون الميم الثانية، بعدها مثلّثة مكسورة، وقد
تفتح، وضُبط أيضًا بفتح الميم الثانية، وتشديد المثلّثة، والمعنى: منتصبًا قائمًا،
قال ابن التين: كذا وقع في البخاريّ، والذي في اللغة مَثُل، بفتح أوله، وضمّ
المثلثة، وبفتحها قائمًا يَمْثُل، بضم المثلثة مُثُولًا، فهو ماثل: إذا انتصب قائمًا،
قال عياض: وجاء هنا مُمَثِّلًا؛ يعني: بالتشديد؛ أي: مكلفًا نفسه ذلك. انتهى.
ووقع في رواية الإسماعيليّ عن الحسن بن سفيان، عن إبراهيم بن
الحجاج، عن عبد الوارث: "فقام النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لهم مَثِيلًا" بوزن عظيم، وهو
فَعِيل، من ماثل، وعن إبراهيم بن هاشم، عن إبراهيم بن الحجاج مثله، وزاد:
يعني: ماثلًا. انتهى (?).
(فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم -: ("اللَّهُمَّ) قدّم ذِكره إشارة إلى تأكيد الأمر، فكأنه
يستشهد الله عز وجل على أنهم من أحبّ الناس إليه.
وقال في "الفتح": وتقديم لفظ "اللَّهُمَّ " يقع للتبرك، أو للاستشهاد بالله في
صدقه. انتهى (?).
(أَنْتُمْ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، اللَّهُمَّ أَنْتُمْ مِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ") كرّره
للتأكيد، ولفظ البخاريّ: "اللَّهُمَّ أنتم من أحبّ الناس إليّ، قالها ثلاث مرار"،
وقوله: (يَعْنِي: الأَنْصَارَ) العناية من بعض الرواة، من أنس، أو غيره، والله
تعالى أعلم.