وأنفسكم، فقال عبد الله: لو نعلم قتالًا لاتّبعناكم، ثم هاتان الطائفتان هَمّتا أن

تفشلا؛ أي: تجبُنا، ويتخلفا عن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ويذهبا مع عبد الله بن أُبَيّ،

ولكن الله عَصَمهما، فلم ينصرفوا، ومضوا مع النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فذَكّرهم الله تعالى

نعمته بعصمته، فقال: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ} [آل عمران: 122]، والْهَمّ: تعلّق

الخاطر بما له قَدْر، والفشل: الجُبْن، والْخَوَر، ولكن لَمْ يكن همّهما عزمًا،

فلذلك قال الله: {وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا}؛ أي: ناصرهما، قال الزمخشريّ: الله

ناصرهما، ومتولي أمرهما، فما لهما يفشلان، ولا يتوكلان على الله؟ .

انتهى (?).

وقوله: (بَنُو سَلِمَةَ) خبر لمحذوف؛ أي: هم بنو سلِمة بفتح السين

المهملة، وكسر اللام: قبيلة من الأنصار، (وَبَنُو حَارِثَةَ) قبيلة من الأنصار

أيضًا.

وفي رواية للبخاريّ: "بني سَلِمة، وبني الحارث"، قال في "العمدة":

قوله: "بني سلمة" بالجر على أنَّه بدل من قوله: "فينا"، و"بني حارثة" عطف عليه.

وقوله: "وما أحب أنَّها - أي: أن الآية - لَمْ تنزل"، والحال أن الله تعالى

يقول: {وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا}.

وحاصل المعنى: أن ذلك فرط الاستبشار بما حصل لهم من الشرف

بثناء الله تعالي، وإنزاله فيهم آية ناطقة بصحة الولاية، وأن ذلك الهمّ غير مآخذ

به؛ لأنه لَمْ يكن عن عزم وتصميم. انتهى (?).

(وَمَا) نافية، (نُحِبُّ أَنَّهَا)؛ أي: الآية المذكورة، (لَمْ تَنْزِلْ؛ لِقَوْلِ اللهِ - عَزَّوَجَلَّ -:

{وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا}) قال في "الفتح"؛ أي: وإن الآية، وإن كان في ظاهرها غَضّ

منهم، لكن في آخرها غاية الشرف لهم، قال ابن إسحاق: قوله: {وَاللَّهُ

وَلِيُّهُمَا}؛ أي: الدافع عنهما ما هَمّوا به من الْفَشَل؛ لأنَّ ذلك كان من وسوسة

الشيطان من غير وَهْنٍ منهم. انتهى (?).

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قول جابر - رضي الله عنه -: "ما نحب ألا تنزل" إنما قال ذلك؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015