للاستفتاح، بمعنى "إلَّا" (?). (وَاللهِ كُنْتُمْ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، يُطْعِمُ جَائِعَكُمْ،
وَيَعِظُ جَاهِلَكُمْ)؛ أي: فما لكم بخروجكم من وطنكم شيء تَشْكُون منه
بخلافنا، كما قالت: (وَكُنَّا) معاشر المهاجرين إلى الحبشة (فِي دَارِ، أَوْ) شكّ
من الراوي؛ أي: أو قالت: (فِي أَرْضِ الْبُعَدَاءِ) جَمْع بعيد، (الْبُغَضَاءِ) جمع
بغيض؛ كظريف وظرفاء، وشريف وشرفاء؛ أي: في أرض الكفّار؛ إذ أهل
الحبشة كانوا نصاري، وإنما أسلم ملِكهم النجاشيّ - رَحِمَهُ اللهُ -، وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -:
قال العلماء: البعداء في النسب، البغضاء في الدين؛ لأنهم كفار إلَّا النجاشيّ،
وكان يستخفي بإسلامه عن قومه، وُيوَرّي لهم. انتهى (?).
وقال في "الفتح": قوله: "البعداء البغضاء" كذا للأكثر، جمع بغيض،
وبعيد، وفي رواية أبي يعلى بالشك: "البعداء، أو البغضاء"، وللنسفيّ: "الْبُعُد"
بضمتين، وللقابسيّ: "الْبُعُد البعداء البغضاء" جَمَع بينهما، فلعله فسَّر الأُولى
بالثانية، وعند ابن سعيد من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبيّ:
"فقالت: أي لَعَمري، لقد صدقتَ، كنتم مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يطعم جائعكم،
ويُعَلِّم جاهلكم، وكنا البعداء، والطرداء" (?).
وقولها: (فِي الْحَبَشَةِ) بدل من الجارّ والمجرور قبله، (وَذَلِكَ)؛ أي:
غربتنا إلى تلك الدار (فِي اللهِ)؛ أي: في طلب مرضاته، (وَفي رَسُولهِ)؛ أي:
في المحافظة على دينه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لعدم تمكّننا منه في بلدنا مكة، (وَايْمُ اللهِ) مبتدأ
محذوف الخبر؛ أي: يمين الله قَسَمي، ويجوز العكس.
وقال في "العمدة": قوله: "وايم الله" همزته همزة وصل، وقيل: همزة
قطع، بفتح الهمزة، وقيل: بكسرها، يقال: أيم الله، وأيمن الله، ومُنُ الله،
وقيل: أيمن جَمْع يمين، ولمّا كَثُر في كلامهم حذفوا النون، كما قالوا في لَمْ
يكن: لَمْ يك. انتهى (?).
وجوب القسم قولها: (لَا أَطْعَمُ طَعَامًا، وَلَا أَشْرَبُ شَرَابًا، حَتَّى أَذْكُرَ مَا