العبور عليه، فناج مُسَلَّم، ومخدوش مرسل، ومُكَرْدَسٌ في نار جهنم، كما
تقدَّم، وهذا قول الحسن، وقتادة، وهو الذي تعضده الأخبار الصحيحة، والنظر
المستقيم.
والورود في أصل اللغة: الوصول إلى الماء؛ وإنما عبَّر به عن العبور؛
لأنَّ جهنم تتراءى للكفار كأنها سراب، فيحسبونه ماء، فيقال لهم: ألا تَرِدُون؟
كما صحَّ في الأحاديث المتقدمة. انتهى (?)، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أم مبشّر -رضي الله عنها- هذا من أفراد المصنّف رحمه الله.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [37/ 6384] (2496)، و (أحمد) في "مسنده"
(6/ 285 و 362)، و (ابن راهويه) في "مسنده" (4/ 196)، و (هنّاد بن السريّ)
في "الزهد" (1/ 165)، و (أبو يعلى) في "مسنده" (12/ 472)، و (الطبرانيّ) في
"الكبير" (23/ 208)، و (الطبريّ) في "تفسيره" (16/ 112)، و (ابن المبارك) في
"الزهد" (1/ 498)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
1 - (منها): بيان فضل أهل أصحاب الشجرة -رضي الله عنهم-، وهم أهل بيعة
الرضوان، حيث شهد لهم النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بأن لا يدخلوا النار.
2 - (ومنها): بيان جواز مراجعة العالم على جهة المباحثة، قال
النوويّ رحمه اللهُ: وأما قول حفصة -رضي الله عنها-: "بلى"، وانتهار النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لها، فقالت:
{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا}، فقال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وقد قال: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا} فيه
دليل للمناظرة، والاعتراض، والجواب على وجه الاسترشاد، وهو مقصود
حفصة -رضي الله عنها-؛ لا أنها أرادت ردّ مقالته -صلى الله عليه وسلم-. انتهى (?).
3 - (ومنها): التمسك بالعمومات فيما ليس طريقه العمل، بل الاعتقاد،
ومقابلة عموم بعموم، والجواب بذكر المخصَّص.