ولا يَرَوْن في الشبع أغنى غناءً منه، وقيل: إنهم كانوا يحمدون الثريد فيما طُبخ
بلحم، ورُوي: "سيد الطعام اللحم"، فكأنها فُضّلت على النساء كفضل اللحم
على سائر الأطعمة، والسر فيه: أن الثريد مع اللحم جامع بين الغذاء، واللذة،
والقوّة، وسهولة التناول، وقلة المؤونة في المضغ، وسرعة المرورد في المريء،
فضَرب به مَثَلًا؛ ليؤذِن بأنها أُعطيت مع حسن الْخَلْق والْخُلُق، وحلاوة النطق
فصاحةَ اللهجة، وجودة القريحة، ورزانة الرأي، ورصانة العقل، والتحبب إلى
البعل، فهي تصلح للتبعل، والتحدث، والاستئناس بها، والإصغاء إليها،
وحسبك أنها عَقَلت عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ما لم يعقل غيرها من النساء، وروت ما لم
يرو مثلها من الرجال.
ومما يدل على أن الثريد أشهى الأطعمة عندهم، وألذّها قول الشاعر [من
الوافر]:
إِذَا مَا الْخُبْزُ تَأَدِمُهُ (?) بِلَحْمٍ ... فَذَاكَ أَمَانَةَ اللَّهِ الثَّرِيدُ (?)
والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي موسى الأشعريّ - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [12/ 6252] (2431)، و (البخاريّ) في "الأنبياء"
(3411 و 3433) و"الفضائل" (3769 و 3770) و"الأطعمة" (5418 و 5419)،
و(الترمذيّ) في "المناقب" (3887)، و (النسائيّ) في "المجتبى" (7/ 68)
و"فضائل الصحابة" (248 و 275)، و (ابن ماجه) في "الأطعمة" (3280
و3281)، و (الطيالسيّ) في "مسنده" (1/ 68)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه"
(6/ 379 و 380)، و (أحمد) في "مسنده" (4/ 394 و 409)، و (ابن راهويه) في
"مسنده" (2/ 486)، و (عبد بن حميد) في "مسنده" (1/ 198)، و (الطبرانيّ) في