"الطبقات" (4/ 65 - 66)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (7044 و 7059)،
و(البيهقيّ) في "الكبرى" (3/ 128 و 8/ 154 و 10/ 44)، و (ابن عساكر) في
"تاريخ دمشق" (8/ 60 و 61 و 16/ 363)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
1 - (منها): بيان فضيلة ظاهرة للصحابيين الجليلين: زيد بن حارثة، وابنه
أسامة -رضي الله عنهما-، حيث إنهما من أحب الناس إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وأنهما جديران
بالإمارة، وقال في الرواية التالية: "فأوصيكم به، فإنه من صالحيكم"، وهذا
شرف عظيم، وفخر مستديم، {وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [البقرة: 105].
2 - (ومنها): جواز إمارة العتيق، وجواز تقديمه على العرب.
3 - (ومنها): جواز تولية الصغير على الكبار، فقد كان أسامة صغيرًا
جدًّا، تُوُفّي النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وهو ابن ثمان عشرة سنة، وقيل: عشرين.
4 - (ومنها): جواز تولية المفضول على الفاضل؛ للمصلحة.
5 - (ومنها): بيان تحريم الطعن في النسب والحسب، وأن ذلك من
أعمال الجاهليّة، ولا سيّما الطعن فيمن ولاه الله تعالى أمور المسلمين، قال
التوربشتيّ رحمه الله: إنما طعن من طعن في إمارة زيد، وأسامة -رضي الله عنهما-؛ لأنهما كانا
من الموالي، وكانت العرب لا ترى تولية الموالي، وتستنكف من اتّباعهم كلَّ
الاستنكاف، فلما جاء الله سبحانه وتعالى بالإسلام، ورَفع قَدْر من لم يكن له عندهم قدرٌ
بالسابقة، والهجرة، والعلم، والتُّقى عَرَف حقّهم المحفوظون من أهل الدين،
وأما المرتهَنون بالعادة، والممتحَنون بحبّ الرئاسة من الأعراب، ورؤساء
القبائل، فلم يزل يختلج في صدورهم شيء من ذلك، لا سيّما أهل النفاق،
فإنهم كانوا يسارعون إلى الطعن، وشدّة التكبّر عليه، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد
بعث زيد بن حارثة -رضي الله عنه- أميرًا على عدّة سرايا، وأعظمها جيش مؤتة، وسار
تحت رايته في تلك الغزوة نجباء الصحابة -رضي الله عنهم-، منهم جعفر بن أبي
طالب -رضي الله عنه-، وكان خليقًا بذلك؛ لسوابقه، وفَضْله، وقُربه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-،
ثم كان بَعْثُ أسامة -رضي الله عنه- وقد أمّره في مرضه على جيش، فيهم جماعة من
مشيخة الصحابة، وفضلائهم -رضي الله عنهم-، وكأنه رأى في ذلك سوى ما توسّم فيه من