والمعنى: أن زيدًا -رضي الله عنه- كان خليقًا بالإمرة؛ يعني: أنهم طعنوا في إمارة
زيد، وظهر لهم في الآخر أنه كان جديرًا لائقًا بها، فكذلك حال أسامة -رضي الله عنه-.
(وَإِنْ كَانَ)؛ أي: زيدٌ (لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَإِنَّ هَذَا)؛ أي: أسامةَ،
(لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ")؛ أي: بعد أبيه زيد -رضي الله عنه-.
وقال في "العمدة": قوله: "إن كان" لفظه: "إن" مخففة من المثقلة،
أصله: إنه كان؛ أي: إن زيدًا كان لخليقًا؛ أي: لائقًا للإمرة، ومستحقًّا لها،
وفي رواية الكشميهنيّ: "للإمارة".
وقوله: "وإن كان"؛ أي: وإنه كان لَمِن أحب الناس إليّ بتشديد الياء.
وقوله: "وإن هذا"؛ أي: وإن أسامة لمن أحب الناس إليّ بعده؛ أي:
بعد أبيه.
[فإن قلت]: قد طُعِن على أسامة وأبيه ما ليس فيهما، ولم يعزل النبيّ -صلى الله عليه وسلم-
واحدًا منهما، بل بيّن فَضْلهما، ولم يَعْتَبر عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بهذا القول في
سعد بن أبي وقّاص -رضي الله عنه-، وعَزَله حين قذفه أهل الكوفة بما هو بريء منه.
[قلت]: عمر -رضي الله عنه- لم يعلم من مُغَيّب أمْر سعد ما عَلِمه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- من أمر
زيد وأسامة، وإنما قال عمر لسعد حين ذكر أن صلاته تُشبه صلاة
رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ذلك الظنّ بك، ولم يقطع على ذلك، كما قطع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
في أمر زيد إنه خليق للإمارة.
وقيل: الطاعنون فيهما من استصغار سنّهما على من قُدِّما عليه من مشيخة
الصحابة، وقيل: هم المنافقون الذي كانوا يطعنون على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-،
ويقبّحون آراءه. انتهى من "العمدة" ببعض تصرّف (?).
وقال القرطبيّ رحمه الله: قوله: "وإن كان لمن أحبِّ الناس إليَّ": "إن" عند
البصريين مخففة من الثقيلة، واللام الداخلة بعدها هي المفرّقة بين "إن"
المخففة، وبين "إن" الشرطية، وعند الكوفيين: "إن" نافية، واللام بمعنى "إلا"،
وهذا نحو قوله [من الكامل]:
شَلَّت يَمِينُك إِنْ قَتَلْتَ لَمُسْلِمًا ... حَلَّت عَلَيك عقوبةُ الْمُتَعَمِّدِ