أهل اللغة: ويقال لذلك المتساقط: النَّفْض، بفتح النون، والفاء، بمعنى:
المنفوض؛ كالْخَبْط بمعنى المخبوط، وأنفض القومُ: فَنِي زادهم. انتهى (?).
(قَالَ) رافع: (فَذَكَرُوا)؛ أي: القوم الذين تركوا التلقيح، (ذَلِكَ)؛ أي: ما
حصل لهم من نفض نخلهم، وعدم إخراجها ثمراً طيّباً بسبب عدم التلقيح،
(لَهُ) - صلى الله عليه وسلم - متعلّق بـ "ذَكَروا"، (فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ)؛ أي: والبشر لا يعلم
الغيب إلا بالوحي، وقال القرطبيّ: "فإنما أنا بشر"؛ أي: واحد منهم في
البشرية، ومساوٍ لهم فيما ليس من الأمور الدينية، وهذه إشارة إلى قوله تعالى:
{قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [الكهف: 110]، فقد
ساوى البشر في البشرية، وامتاز عنهم بالخصوصية الإلهية التي هي: تبليغ
الأمور الدينية. انتهى (?).
(إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ دِينِكُمْ، فَخُذُوا بِهِ)؛ أي: لأنه وحي من الله -عَزَّ وَجَلَّ-،
وقال المناويّ -رَحِمَهُ اللهُ-؛ أي: إذا أمرتكم بما ينفعكم في أمر دينكم، فخذوا به؛
أي: افعلوه، فهو حقّ، وصواب دائماً، وإذا أمرتكم بشيء من رأيي؛ يعني:
من أمور الدنيا، فإنما أنا بشر؛ يعني: أخطئ، وأصيب فيما لا يتعلق بالدِّين؛
لأن الإنسان محل السهو والنسيان، ومراده بالرأي: الرأي في أمور الدنيا على
ما عليه جَمْع، لكن بعض المحقّقين قال: أراد به الظنّ؛ لأن ما صدر عنه - صلى الله عليه وسلم -
برأيه واجتهاده، وأُقِرّ عليه فهو حجةٌ مطلقاً. انتهى (?).
(وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ رَأيِ) بياءين بإضافة رأي إلى ياء المتكلّم، ووقع
في بعض النسخ بلفظ: "من رأيٍ" بالتنوين، (فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ")؛ أي: فيعتريني ما
يعتري البشر من السهو، والنسيان، والخطأ.
وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قوله: "إذا أمرتكم بشيء من رأيي"؛ يعني به: في
مصالح الدنيا، كما دلّ عليه بساط هذه القصة، ونضه على ذلك، ولم يتناول
هذا اللفظ ما يحكم فيه باجتهاده إذا تنزّلنا على ذلك؛ لأنَّ ذلك أمر ديني تجب
عصمته فيه، كما إذا بلغه نصّاً؛ إذ كل ذلك تبليغ شرعه، وبيان حكم دِينه، وإن