وقال في "العمدة": قوله: "عائذاً بالله" على وزن فاعل مصدر؛ لأن
المصدر قد يجيء على هذا الوزن، كما في قولهم: عافاه الله عافيةً، فعلى هذا
انتصابه على المصدرية، تقديره: أعوذ عائذاً بالله؛ أي: أعوذ عياذاً بالله،
ويجوز أن يكون "عائذاً" على بابه، ويكون منصوباً على الحال، وذو الحال
محذوف، تقديره: أعوذ حال كوني عائذاً بالله، ورُوي "عائذٌ بالله" بالرفع، على
أنه خبر مبتدأ محذوف؛ أي: أنا عائذ بالله. انتهى (?).
(مِنْ سُوءِ الْفِتَنِ) -بضم السين المهملة، بعدها واو، ثم همزة-
وللكشميهنيّ (?) "شَرّ" بفتح المعجمة وتشديد الراء، وإضافة السوء إلى الفتن
بمعنى "من"، ويَحْتَمِل أن يكون من إضافة الصفة للموصوف؛ أي: الفتن
السوء، قال المجد -رَحِمَهُ اللهُ-: ساءَهُ لسَوْءاً، ولسَوَاءً، ولسَوَاءَةً، ولسَوَايَةً، ولسَوَائِيَةً،
ومَسَاءَة، ومَسَائِيَةً -مَقْلُوباً وأَصْلُهُ: مَسَاوِئَةً- ومَسَايَةً، ومَسَاءً، ومَسَائِيَّةً: فَعَلَ به
ما يَكْرَهُ، فاسْتَاءَ هو، والسُّوءُ بالضم: الاسْمُ منه، قال: ولا خَيْرَ في قَوْلِ
السَّوْءِ بالفتح، والضم، إذا فَتَحْتَ فَمَعْنَاه: في قَوْلٍ قَبيع، وإذا ضَمَمْتَ،
فمعناه: في أَنْ تَقُولَ سُوءاً، وقُرِئ: {عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ} [التوبة: 98]
بالوَجْهَيْن؛ أي: الهَزِيمةِ، والشَّرِ، والرَّدَى، والفَسَادِ، وكذا: {أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ} [الفرقان: 40]، أو المَضْمُومُ: الضَّرَرُ، والمَفْتُوحُ: الفَسَادُ، والنَارُ، ومنه:
{ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى} [الروم: 10] في قِرَاءَةٍ. انتهى (?).
قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قول عمر - رضي الله عنه -: "رضينا بالله ربّاً ... إلخ" كلام
يقتضي إفراد الحقّ بما يجب له تعالى من الربوبية، ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - من الرسالة
اليقينية، والتسليم لأمرهما، وحُكمهما بالكلية، والاعتراف لدين الاسلام بأنه
أفضل الأديان، وإنما صدَّر عمر - رضي الله عنه - كلامه بنون الجمع؛ لأنه متكلِّم عن
نفسه، وعن كل من حضر هنالك من المسلمين. انتهى (?).
وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ- أيضاً: قوله: "عائذٌ بالله من الفتن" كذا صحَّت الرواية