شرح الحديثْ
(عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ) - رضي الله عنه - (أَنَّ النَّاسَ) لم يُسمَّوا، (سَأَلُوا نَبِيَّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -
حَتَّى أَحْفَوْهُ بِالْمَسْأَلَةِ) بالحاء المهملة والفاء؛ أي: ألحّوا، وأكثروا عليه، حتى
جعلوه كالحافي، يقال: أحفاه في السؤال: إذا ألحّ عليه، قاله في "الفتح" (?)،
وقال القرطبيّ: يقال: أحفى في المسألة، وألحّ بمعنى واحد (?).
وقال في "العمدة": قوله: "أحفوه" بالحاء المهملة، والفاء؛ أي: ألحوا
عليه في السؤال، وأكثروا السؤال عنه، ويقال: أحفيته إذا حملته على أن يبحث
عن الخبر، ويقال: أحفى، وألحف، وقال الداوديّ: يريد: سألوه عما يَكره
الجواب فيه؛ لئلا يضيق على أمته، وهذا في مسائل الدين، لا في مسائل
المال. انتهى (?).
(فَخَرَجَ) - صلى الله عليه وسلم - (ذَاتَ يَوْم)؛ أي: يوماً من الأيام، وقال في "العمدة" عند
قوله: "ذات غداة": لفظة "ذات" زائدة، وقال الداوديّ: لفظة "ذات" بمعنى
"في"؛ أي: في غداة، ورَدّ عليه ابن التين بأنه غير صحيح، بل تقديره: في
ذات غداة، قال العينيّ: الصواب معه؛ لأنه لم يقل أحد: إن "ذات" بمعنى
"في"، ويجوز أن يكون من باب إضافة المسمى إلى اسمه. انتهى (?).
(فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ: "سَلُونِي، لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ، إِلَّا بَيَّنْتُهُ لَكُمْ")؛
معناه: أنه أوحي إليه بذلك، (فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ الْقَوْمُ أَرَمُّوا)؛ أي: سكتوا،
وأصله من المرمَّة، وهي؛ الشفة، فكأنهم أطبقوا مرمَّاتهم، فلم يحركوها
بلفظة، قاله القرطبيّ (?).
وقال النوويّ: هو بفتح الراء، وتشديد الميم المضمومة؛ أي: سكتوا،
وأصله من المرمّة، وهي الشفة؛ أي: ضمّوا شفاههم بعضها على بعض، فلم
يتكلموا، ومنه رَمَّت الشاةُ الحشيشَ: ضمّته بشفتيها. انتهى (?).
(وَرَهِبُوا) بكسر الهاء؛ أي: خافوا (أَنْ يَكُونَ بَيْنَ يَدَيْ أَمْرٍ قَدْ حَضَرَ)؛