8 - (ومنها): مشروعية التعوذ من الفتن عند وجود شيء قد يظهر منه
قرينة وقوعها، حيث قال عمر - رضي الله عنه -، كما في الرواية: "عائذًا بالله من سوء
الفتن".
9 - (ومنها): جواز استعمال المزاوجة في الدعاء، حيث قال عمر - رضي الله عنه -
أيضًا: "اعفُ عفا الله عنك "، وإلا فالنبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - معفوّ عنه قبل ذلك.
10 - (ومنها): النهي عن إكثار السؤال، والابتداء بالسؤال عما لا يقع،
قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وإنما كُرِه ذلك لِمَعان:
[منها]: أنه ربما كان سببًا لتحريم شيء على المسلمين، فيلحقهم به
المشقة، وقد بيّن هذا بقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الحديث الماضي: "أعظم المسلمين جُرْمًا
مَن سأل عن شيء لَمْ يُحَرَّم على المسلمين، فحُرِّم عليهم من أجل مسألته".
[ومنها]: أنه ربما كان في الجواب ما يكرهه السائل، ويسوؤه، ولهذا
أنزل الله تعالى في ذلك قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة: 101]، كما صُرِّح به في الحديث في سبب نزولها.
[ومنها]: أنهم ربما أَحْفَوه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالمسألة، وألحقوه المشقة والأذي، فيكون
ذلك سببًا لهلاكهم، وقد صُرِّح بهذا في حديث أنس - رضي الله عنه - المذكور في الكتاب
في قوله: "سألوا نبيّ الله - عَزَّوَجَلَّ - حتى أحفوه بالمسألة"، إلى آخره، وقد قال الله
تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا (57)}
[الأحزاب: 57]. انتهى (?).
وقال الإمام ابن عبد البرّ - رَحِمَهُ اللهَ -: سئل مالك - رَحِمَهُ اللهُ - عن معنى النهي عن كثرة
السؤال، فقال: ما أدري، أنُهِي عن الذي أنتم فيه من السؤال عن النوازل، أو
عن مسألة الناس المال؟ قال ابن عبد البرّ: الظاهر الأول، وأما الثاني فلا
معنى للتفرقة بين كثرته وقلَّته، لا حيث يجوز، ولا حيث لا يجوز، قال:
وقيل: كانوا يسألون عن الشيء، ويُلِحُّون فيه إلى أن يُحَرَّم، قال: وأكثر
العلماء على أنَّ المراد: كثرة السؤال عن النوازل، والأغلوطات، والتوليدات.
انتهى.