(المسألة الثالثة): في فوائده:

1 - (منها): بيان وجوب اتّباعه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

2 - (ومنها): بيان جواز الحكم في حالة الغضب للنبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد اختُلف

في الحاكم الأمين غيره - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، والأرجح عدم الجواز؛ لأنَّ ذلك خاصّ

بالنبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، دون غيره؛ لأنه معصوم في حالة الغضب؛ كحالة الرضا.

قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: [فإن قيل]: كيف حكم النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للزبير على

الأنصاريّ في حال غضبه، وقد قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا يقضي القاضي، وهو غضبان"؟ .

[فالجواب]: أنا قدّمنا أن هذا معلّل بما يُخاف على القاضي من التشويش

المؤدّي به إلى الغلط في الحكم، والخطأ فيه، والنبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - معصوم من الخطأ

في التبليغ والأحكام، بدليل العقل الدالّ على صدقه فيما يبلّغه عن الله تعالي،

وفي أحكامه، ولذلك قالوا: أنكتب عنك في الرضا والغضب؟ قال: "نعم"،

فدلّ على أنَّ المراد بالحديث: من يجوز عليه الخطأ من القضاة، فلم يدخل

النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ذلك العموم. انتهى (?).

3 - (ومنها): أن من سبق إلى شيء من مياه الأودية والسيول، التي لا

تُملك، فهو أحقّ به، لكن ليس له إذا استغنى أن يحبس الماء عن الذي يليه.

4 - (ومنها): أن الأَولى بالماء الجاري الأولُ، فالأولُ، حتى يستوفي

حاجته، وهذا ما لَمْ يكن أصله ملكًا للأسفل، مختصًّا به، فليس للأعلى أنَّ

يشرب منه شيئًا، وإن كان يمرّ عليه.

5 - (ومنها): أن القَدْر الذي يستحقّ الأعلى من الماء كفايته، وغاية ذلك

أن يبلغ الماء إلى الكعبين.

6 - (ومنها): أن للحاكم أن يشير بالصلح بين الخصمين، ويأمر به،

ويرشد إليه، ولا يُلزمه به، إلَّا إذا رضي.

7 - (ومنها): أن الحاكم يستوفي لصاحب الحقّ حقّه، إذا لَمْ يتراضيا،

وأن يحكم بالحق لمن توجه له، ولو لَمْ يسأله صاحب الحقّ.

8 - (ومنها): ما قاله القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: أن فيه الاكتفاءَ من الخصوم بما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015