الملائكة، ويرى الضوء؛ أي: نور الملائكة، ونور آيات الله تعالى، حتى رأى
الملَك بعينه، وشافهه بوحي الله تعالى. انتهى (?).
وقال ابن منظور رَحِمَهُ اللهُ: الضَّوْءُ -بالفتح- والضُّوءُ بالضم: الضياء، وجَمْعه
أضواء، وهو الضِّوَاء والضِّيَاء، وفي حديث بدء الوحي: "يسمع الصوت، ويرى
الضوء"؛ أي: ما كان يسمع من صوت الملَك، ويراه من نوره، وأنوار آيات
ربه، وفي "التهذيب": قال الليث: الضَّوْء والضياء: ما أضاء لك، وقال
الزجاج في قوله تعالى: {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ} الآية [البقرة: 20]: يقال:
ضاء السراجُ يضوء، وأضاء يُضيء، قال: واللغة الثانية هي المختارة، وقد
يكون الضياء جَمْعًا، وقد ضاءت النارُ، وضاء الشيءُ يَضُوء ضَوْءًا وَضُوءًا،
وأضاء يُضيء، وبقال: ضاءت، وأضاءت بمعنًى؛ أي: استنارت، وصارت
مضيئةً، وأضاءته يتعدى، ولا يتعدى. انتهى (?).
وقال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: قوله: "يسمع الصوت، ويرى الضوء سبع سنين"؛
أي: أصوات الملائكة، والجمادات، والحجارة، فيسلِّمون عليه بالرسالة، كما
خرَّجه الترمذيّ عن عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: كنت مع النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بمكة،
فخرجنا في بعض نواحيها، فما استقبله جبل، ولا شجر، إلا وهو يقول:
السلام عليك يا رسول الله، قال: هذا حديث حسن غريب. ويعني بالضوء:
نور الملائكة، ويَحْتَمِل أن يكون أنوارًا تنوِّر بين يديه في أوقات الظلمة،
يُحْجَب عنها غيرُهُ، ولذلك نُقل أنه كان يُبصر بالليل كما يبصر بالنهار؛ ويعني:
أن هذه الحالة ثبتت عليه سبع سنين، ثم بعد ذلك أوحى الله إليه؛ أي: جاءه
الوحي، وشافهه بالخطاب ثماني سنين، وعلى هذا فكَمُل له بمكة خمس عشرة
سنة. انتهى (?).
(سَبْعَ سِنِينَ، وَلَا يَرَى شَيْئًا)؛ أي: لا يرى ملَكًا، ولا غيره ممن سمع
صوته، (وَثَمَانَ سِنِينَ يُوحَى إِلَيْهِ)؛ أي: يأتيه الملك جهرة بالوحي، فيعاينه،