كمثل رجل استوقد ناراً، فلما أضاءت له جعل الدوابّ، والفراش، يقتحمون

فيها، فأنا آخذ بحُجَزكم عن النار، وأنتم تقتحمون فيها". انتهى (?).

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رَحِمَهُ اللهُ- أوّل الكتاب قال:

[5942] ( ... ) - (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِع، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا

مَعْمَز، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَاً أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،

فَذَكَرَ أَحَادِيثَ، مِنْهَا: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَثَلِي كمَثَلِ رَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَاراً، فَلَمَّا

أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهَا، جَعَلَ الْفَرَاشُ، وَهَذِهِ الدَّوَابُّ الَّتِي فِي النَّارِ (?) يَقَعْنَ فِيهَا،

وَجَعَلَ يَحْجُزُهُنَّ، وَيَغْلِبْنَهُ، فَيَتَقَحَّمْنَ فِيهَا، قَالَ: فَذَلِكُمْ مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ، أَنَا آخِذٌ

بِحُجَزِكُمْ عَنِ النَّارِ، هَلُمَّ عَنِ النَّارِ، هَلُمَّ عَنِ النَّارِ، فَتَغْلِبُونِي، تَقَحَّمُونَ فِيهَا").

قال الجامع عفا الله عنه: تقدّم هذا الإسناد نفسه قبل خمسة أبواب، فلا

حاجة إلى إعادة الكلام فيه.

وقوله: (اسْتَوْقَدَ نَاراً)؛ أي: أوقدها، فالسين والتاء زائدتان، قاله

القرطبيّ (?)، وقال الطيبيّ: قوله: "استوقد"؛ بمعنى: أوقد، ولكن الأول أبلغ؛

كعَفّ، واستعفّ (?).

وقوله: (فَلَمَّا أَضَاءَتْ) من الإضاءة، وهي فرط الإنارة، واشتقاقه من

الضوء، وهو ما انتشر من الأجسام النيّرة، ويقال: أضاءت النار، وأضاءت

غيرها، يتعدّى، ولا يتعدّى، فإن جُعل متعدّياً يكون "ما حولها" مفعولاً به،

وإن جُعل لازماً يجوز أن يكون "ما حولها" فاعلاً له على تأويل الأماكن،

ويجوز أن يكون فاعله ضمير النار، و"ما حوله " ظرفٌ، فيجعل حصول إشراق

النار في جوانبها بمنزلة حصولها نفسها فيها مبالغة، وحول الشيء جانبه الذي

يمكن أن يحول إليه، أو سُمّي بذلك اعتباراً بالدوران، والإطافة، ويقال للعام:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015