فلم يزده على ذلك الجواب، وفي ذلك غاية التهكم به، وعدم المبالاة به
أصلًا. انتهى.
(قَالَ) - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فَشَامَ السَّيْفَ)؛ أي: أغمده، وهو من باب ضرب، ويقال
أيضًا: شام السيف: إذا استلّه من غمده، فهو من الأضداد (?).
(فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ") كلمة "ها" للتنبيه، و"هو" ضمير الشأن، وكلمة "ذا"
للإشارة إلى الحاضر، مبتدأ، و"جالس" خبره، والجملة خبر لقوله: "هو"، فلا
تحتاج إلى رابط، كما عُرِف في موضعه، قاله في "العمدة" (?).
وقال في "المشارق": قوله: "فشام السيف، فها هو ذا جالس"، كذا عند
شيوخنا، ورواه بعضهم: "جالسًا"، وكلاهما صحيح، إن جَعَلتَ "ذا" خبر
المبتدأ كان "جالسًا" نَصْبًا على الحال، وإن جَعَلت "ذا" من صلتها جَعَلت
"جالس" رفعًا خبر المبتدأ، وكذلك في هذا الحديث: "والسيف صلتٌ في يده"
كذا لأكثرهم على الخبر، وعند القابسيّ: "صلتًا". انتهى (?).
وقال النوويّ: أما قوله: "صَلْتًا" فبفتح الصاد، وضمها؛ أي: مسلولًا،
وأما شَامَه، فبالشين المعجمة، ومعناه: أغمده، ورَدّه في غمده، يقال: شام
السيف: إذا سَلّه، وإذا أغمده، فهو من الأضداد، والمراد هنا: أغمده. انتهى (?).
وقال القرطبيّ: قوله: "فها هو ذا جالس"؛ هكذا وجدته بخط شيخنا أبي
الصَّبر أيوب في نسخته، ووجدته في نسخة أخرى: "فشام السيف، ها هو ذا
هو جالس" بإسقاط الفاء، وزيادة "هو"، والأول أحسن؛ لأنَّ الفاء رابطة،
و"هو" لا يحتاج إليها، فهي زائدة.
ومعنى هذا الكلام: أن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نبَّه على ذلك الرجل، وأخبر عنه،
وأشار إليه، فكأنه قال: تنبَّهوا لهذا الرجل؛ إذ مُنِع مِمَّا همَّ به، واستسلم لِمَا
يُفعَلُ فيه، ثم تلافاه النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعفوه وحلمه، وعاد عليه بعوائده الكريمة
وصفحه، فلم يَعْرِض له على ما كان منه. انتهى (?).