والحاصل أن غزوة ذات الرقاع كانت بنجد (?).
وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهَ -: قوله: "غزونا مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غزوة قِبَل نجد":
النجد: المرتفع من الأرض، والغور: المنخفض منها، هذا أصلها، ثم قد
صارا بحكم العُرف اسمين لجهتين مخصوصتين معروفتين، وصحيحُ الرواية،
ومشهورها: "نجد"، ووقع للعذري: "أحد". انتهى (?).
وفي رواية يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن جابر - رضي الله عنه - الآتية:
"قال: أقبلنا مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتّى إذا كنّا بذات الرقاع ... ". (فَأَدْرَكَنَا
رَسُولُ اللهِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) بالرفع على الفاعليّة، وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهَ -: قوله: "فأدركنا
رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ... إلخ": هذا اللفظ ذُكِر فيه: "أدركَنَا" بفتح الكاف
"رسولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " بالرفع على الفاعليّة، وعليه فيكونون قد تقدموه للوادي؛
لمصلحة من مصالحهم؛ ككونهم طليعة، أو صيانة للنبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مما يُخشى عليه،
أو غير ذلك، ويَحْتَمِل أن يُقَيَّد: "فأدركْنَا رسولَ اللهِ" بسكون الكاف، ونَصْب
"رسول" على المفعوليّة، فيكون فيه ما يدلُّ على شجاعة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "، ويكون
كنحو ما اتفق له لمّا وقع الفزع بالمدينة، فركب فرسًا، فسبقهم، فاستبرأ
الخبر، ثم رجع، فلقي أصحابه خروجًا، فقال لهم: "لَمْ تُراعوا". انتهى (?).
(فِي وَادٍ) هو كلّ مُنْفَرِج بين جبال، أو آكام يكون منفذًا للسيل، والجمع
أوديةٌ، واشتقاقه من ودَى الشيءُ: إذا سأل، أفاده الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ - (?). (كثِيرِ
الْعِضَاهِ) - بكسر العين المهملة، وتخفيف الضاد المعجمة -: كلُّ شجر يَعْظُم،
له شوكٌ، وقيل: هو العظيم من السَّمُر مطلقًا، وقد تقدم غير مرّة، قاله في
"الفتح" (?).
وقال الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -: العِضَاهُ وزانُ كِتَاب من شجر الشوك، كالطَّلح،
والْعَوْسج، واستثنى بعضهم القَتَاد، والسِّدْرَ، فلم يجعله من العِضَاهِ، والهاء
أصلية، وعَضِهَ البعيرُ عَضَهًا، فهو عَضِهٌ، من باب تَعِبَ: رَعَى العِضَاهَ،