والبحر، لهم ذمّة الله، ومحمد النبيّ ... "، وساق بقية الكتاب.
وفي رواية البخاريّ: "وكَتَبَ له ببحرهم"؛ أي: ببلدهم، أو المراد: بأهل
بحرهم؛ لأنهم كانوا سُكانًا بساحل البحر؛ أي: أنه أقرّه عليهم بما التزموه من
الجزية، وفي بعض الروايات: "ببحرتهم"؛ أي: بلدتهم، وقيل: البحرة:
الأرض، وكان - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أقطع هذا المَلِك من بلاده قطائع، وفَوَّض إليه حكومتها (?).
(وَأَهْدَى) النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (لَهُ)؛ أي: لابن العَلْماء، (بُرْدًا) قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -:
إنما أهدى له النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "البُرد؛ مكافأةً، ومواصلةً، واستئلافًا ليدخل في دين
الإسلام، وكأن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يحضره في ذلك الوقت إلَّا ذلك البرد، والله
أعلم. انتهى (?).
(ثُمَّ أَقْبَلْنَا حَتَّى قَدِمْنَا وَادِيَ الْقُرَي، فَسَأَل رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَرْأةَ عَنْ
حَدِيقَتِهَا)؛ أي: تَمْر حديقتها، (كَمْ بَلَغَ ثَمَرُهَا؟ فَقَالَتْ: عَشَرَةَ أَوْسُقٍ) بنصب
"عشرةَ" مفعولا به لـ"بَلَغَ" محذوفًا؛ أي: بلغ عشرة أوسق.
وفي رواية البخاريّ: "فجاء عشرةَ أوسق، خَرْصَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -"، فقال
في "العمدة": قوله: "عشرة أوسق" نُصب بنزع الخافض؛ أي: جاء بمقدار
عشرة أوسق، أو نُصِب على الحال، ويجوز أن يُعْطَى لقوله: "جاء" حُكم
الأفعال الناقصة، فيكون "عشرةً" خبرًا له، والتقدير: جاءت عشرة أوسق.
وقوله: "خَرْص رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -" خَرْصَ مصدر بالنصب على أنَّه بدل من
قوله: "عشرة أوسق"؛ لأنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان قد خَرَصها عشرة أوسق لَمّا جاء وادي
القري، أو عطْف بيان لعشرة، ويجوز الرفع في "عشرةٌ"، وفي "خرص"،
والتقدير: الحاصل عشرة أوسق خرص رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ويجوز الرفع في
"خرص" وحده على أنَّه خبر مبتدأ محذوف؛ أي: هي خرص رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛
أي: العشرة خرص رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (?).
(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إِنِّي مُسْرِعٌ، فَمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ فَلْيُسْرعْ مَعِي)، وفي
رواية البخاريّ: "إني متعجل إلى المدينة، فمن أحب فليتعجل معي"، وأخرج