أَبُو هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه - (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ) قال
القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: السيد: اسم فاعل، من ساد قومه؛ إذا تقدَّمهم بما فيه من
خصال الكمال، وبما يُوليهم من الإحسان والإفضال، وأصله: سَيْوِدٌ؛ لأنَّ:
ألف ساد منقلبة عن واو، بدليل: أن مضارعه يسود، فقلبوا الواو ياء،
وأدغموها في الياء، فقالوا: سيِّد. وهذا كما فعلوا في: ميِّت. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: وإلى هذه القاعدة أشار ابن مالك -رَحِمَهُ اللهُ- في
"الخلاصة" حيث قال:
إِنْ يَسْكُنِ السَّابِقُ مِنْ وَاوٍ وَيا ... وَاتَّصَلَا وَمِنْ عُرُوضٍ عَرِيَا
فَيَاءً الْوَاوَ اقْلِبَنَّ مُدْغِمَا ... وَشَذَّ مُعْطًى غَيْرَ مَا قَدْ رُسِمَا
وقال الهرويّ: السيد هو الذي يفوق قومه في الخير، وقال غيره: هو
الذي يُفْزَع إليه في النوائب والشدائد، فيقوم بأمرهم، وَيتَحَمّل عنهم مكارههم،
ويدفعها عنهم (?).
وقال في "المشارق": السيد الذي يفوق قومه، وهي السيدة، والسؤدد:
هي الرياسة، والزَّعامة، ورِفعةُ القدر؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - سيد ولد آدم في الدنيا
والآخرة، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "قوموا إلى سيدكم"؛ أي: زعيمكم، وأفضلكم، ومنه
قوله: "إن ابني هذا سيد"، وقيل: هو الحليم الذي لا يغلبه غضبه، وسيد
المرأة بعلها، والسيد أيضاً العابد، والسيد الكريم. انتهى (?).
وقال في "النهاية": قاله - صلى الله عليه وسلم - إخباراً عما أكرمه الله تعالى به، من الفضل،
والسؤدد، وتحدثاً بنعمة الله تعالى عليه، وإعلاماً لأمته؛ ليكون إيمانهم به على
حَسَبه وموجبه، ولهذا أتبعه بقوله: "ولا فخر"؛ أي: إن هذه الفضيلة التي نلتها
كرامة من الله، لم أنلها من قِبَل نفسي، ولا بَلَغْتها بقوّتي، فليس لي أن أفتخر
بها. انتهى (?).
(يَوْمَ الْقِيَامَةِ) قال المناويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: خصّه؛ لأنه يومٌ مجموعٌ له الناسُ،
فيظهر سؤدده لكل أحد عياناً، ووَصَف نفسه بالسؤدد المطلق المفيد للعموم في