عياض وغيره، كذا بالرفع فيهما، على أنه مبتدأ وخبر، وفيه حَذْف تقديره:

وصُنع الله خير، قال السهيليّ: معناه: رأيت بقراً تُنحر، والله عنده خير، وفي

رواية ابن إسحاق: "وإني رأيت والله خيراً، رأيت بقراً"، وهي أوضح، والواو

للقَسَم، و"اللهِ " بالجرّ، و"خيراً" مفعول "رأيت"، وقال السهيليّ: البقر في

التعبير بمعنى رجال متسلحين، يتناطحون، وتعقّبه الحافظ، فقال: وفيه نظرٌ،

فقد رأى المَلِك بمصر البقر، وأوَّلَها يوسف -عَلَيْهِ السَّلامُ- بالسنين.

وقد وقع في حديث ابن عباس، ومرسل عروة: "تأولتُ البَقَر التي رأيت

بَقْرأ يكون فينا، قال: فكان ذلك من أصيب من المسلمين". انتهى.

وقوله: "بَقْراً" هو بسكون القاف، وهو شقّ البطن، وهذا أحد وجوه

التعبير أن يُشتقّ من الاسم معنى مناسب، ويمكن أن يكون ذلك لوجه آخر من

وجوه التأويل، وهو التصحيف، فإن لفظ "بقَر" مثل لفظ "نفر"، بالنون والفاء،

خَطّأ.

وعند أحمد، والنسائيّ، وابن سعد من حديث جابر، بسند صحيح، في

هذا الحديث: "ورأيت بَقَراً مُنحرةً (?) "- وقال فيه-: "فأوَّلت أن الدرع المدينة،

والبقر نفر"، هكذا فيه بنون وفاء، وهو يؤيد الاحتمال المذكور، فالله أعلم.

انتهى (?).

وقال في "كتاب التعبير": قوله: "ورأيت فيها بقراً، والله خيرٌ"، ووقع في

حديث جابر عند أحمد، والنسائيّ، والدارميّ، من رواية حماد بن سلمة، عن

أبي الزبير، عن جابر، وفي رواية لأحمد: "حدّثنا جابر: أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال:

رأيت كأني في درع حصينة، ورأيت بقراً تُنْحَر، فأوَّلتُ الدرع الحصينة المدينة،

وأن البقَر بَقْر، والله خير"، وهذه اللفظة الأخيرة، وهي: بَقْر بفتح الموحدة،

وسكون القاف، مصدر بَقَرَه يَبْقُره بَقْراً، ومنهم من ضبطها بفتح النون، والفاء.

ولهذا الحديث سبب جاء بيانه في حديث ابن عباس عند أحمد أيضاً،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015