وفيه تأمّل، والله تعالى أعلم. (أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنَ الآخَرِ، فَنَاوَلْتُ)؛ أي: أعطيت
(السِّوَاكَ الأَصْغَرَ مِنْهُمَا، فَقِيلَ لِي)؛ أي: قال جبريل، ففي رواية الطبراني في
"الأوسط" قال: "أمرني جبريل أن أُكَبِّر"، وفي "الغيلانيات" بلفظ: "أن أقدم
الأكابر"، وقد رواه أحمد، والإسماعيليّ، والبيهقيّ، بلفظ: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يستنّ، فأعطاه أكبر القوم، ثم قال: إن جبريل أمرني أن أكبّر".
فإن قيل: هذا يقتضي أن تكون القضية وقعت في اليقظة، وتلك الرواية
صريحة أنها كانت في المنام، فكيف التوفيق؟ .
أجيب: بأن رواية اليقظة لمّا وقعت أخبرهم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بما رآه في النوم،
فحفظ بعض الرواة ما لم يحفظ الآخرون، ومما يشهد له ما رواه أبو داود
بسنده عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستنّ، وعنده رجلان،
أحدهما أكبر من الآخر، فأُوحي إليه في فضل السواك، أن كَبِّر، أعط السواك
أكبرهما"، وإسناده صحيح (?).
(كَبِّرْ)؛ أي: قدّم الأكبر في السنّ، (فَدَفَعْتُهُ إِلَى الأَكبَرِ") منهما، والله
تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - هذا أخرجه المصنّف، وعلّقه
البخاريّ عن عفّان بن مسلم، عن صخر بن جويرية، عن نافع، عن ابن
عمر - رضي الله عنهما -.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [5/ 5918] (2271)، وسيأتي في "كتاب الزهد"
بنفس السند والمتن (3003)، وعلّقه (البخاريّ) في "الوضوء" (246)،
و(البيهقيّ) في "الكبرى" (1/ 39)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
1 - (منها). بيأن فضيلة الرؤيا المناميّة، إذ هي للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - وحي وبشرى؛