كريب، والأشج كلاهما من التسعة الذين روى عنهم الجماعة بلا واسطة، وفيه
أبو هريرة -رضي الله عنه-رأس المكثرين السبعة.
شوح الحديث:
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) -رضي الله عنه- أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ-صلى الله عليه وسلم-: "لأَنْ يَمْتَلِى جَوْفُ
الرَّجُلِ) اللام فيه للتأكيد، و"أن" مصدريّة، وهو في محل الرفع على الابتداء،
وخبره قوله: "خير له".
قال ابن أبي جمرة رحمه الله (?): يَحْتَمِل ظاهره أن يكون المراد جوفه كله،
وما فيه من القلب وغيره، وَيحْتَمِل أن يريد به القلب خاصّةً، وهو الأظهر؛ لأن
أهل الطب يزعمون أن القيح إذا وصل إلى القلب شيء منه، وإن كان يسيرًا،
فإن صاحبه يموت لا مَحَالةَ، بخلاف غير القلب، مما في الجوف، من الكبد،
والرئة.
قال الحافظ: ويُقَوِّي الاحتمال الأول روايةُ عوف بن مالك: "لأن يمتلئ
جوف أحدكم من عانته إلى لَهاته"، وتظهر مناسبته للثاني؛ لأن مقابِله، وهو
الشِّعر محله القلب؛ لأنه ينشا عن الفكر، وأشار ابن أبي جمرة إلى عدم الفرق
في امتلاء الجوف من الشِّعر بين من ينشئه، أو يتعانى حفظه من شِعر غيره،
وهو ظاهر. انتهى (?).
وقوله: (قَيْحًا) منصوب على التمييز، وهو بفتح القاف، وسكون
التحتانيّة: الصديد الذي يسيل من الدُّمّل، والْجُرْح، ويقال: هو الْمِدَّة التي لا
يخالطها الدم، قاله في "العمدة" (?).
وقال الفيّوميّ رحمه الله: القيح: هو الأبيض الخاثر الذي لا يخالطه دمٌ،
يقال: قاح الجرحُ قَيْحًا، من باب قال: سال قيحه، أو تهيّأ، ويقوحُ، وأقاح
بالألف لغتان فيه، وقيّح بالتشديد: صار فيه قيح. انتهى (?).
وقال في "الفتح": قوله: "قيحًا"- بفتح القاف، وسكون التحتانية، بعدها