عبد البرّ الإجماع على جوازه، إذا كان كذلك، واستَدَلّ بأحاديث الباب

وغيرها، وقال: ما أُنشد بحضرة النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، أو استَنْشَده، ولم ينكره.

قال: وترجم البخاريّ في "الأدب المفرد": "ما يُكرَه من الشعر"، وأورد

فيه حديث عائشة -رضي الله عنها- مرفوعًا: "إن أعظم الناس فِرْيةًا لشاعرُ يهجو القبيلة

بأسرها"، وسنده حسن، وأخرجه ابن ماجه من هذا الوجه بلفظ: "أعظمُ الناس

فريةً رجل هاجى رجلًا، فهجا القبيلة بأسرها"، وصححه ابن حبان.

وأخرج البخاري في "الأدب المفرد" عن عائشة -رضي الله عنها- أنها كانت تقول:

"الشعر منه حسن، ومنه قبيح، خذ الحسن، ودع القبيح".

قال الحافظ: ولقد رَوَيت من شعر كعب بن مالك أشعارًا، منها القصيدة

فيها أربعون بيتًا، وسنده حسن، وأخرج أبو يعلى أوله من حديثها من وجه

آخر، مرفوعًا، وأخرجه البخاريّ في "الأدب المفرد" أيضًا من حديث عبد الله بن

عمرو، مرفوعًا، بلفظ: "الشعر بمنزلة الكلام، فحُسنه كحسن الكلام، وقبيحه

كقبيح الكلام"، وسنده ضعيف، وأخرجه الطبرانيّ في "الأوسط"، وقال: لا

يُرْوَى عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إلا بهذا الإسناد.

وقد اشتهر هذا الكلام عن الشافعيّ، واقتصر ابن بطال على نسبته إليه،

فقَصَّر، وعاب القرطبيّ المفسِّر على جماعة من الشافعية الاقتصار على نسبة

ذلك للشافعيّ، وقد شاركهم في ذلك ابن بطال، وهو مالكيّ، وأخرج الطبريّ

من طريق ابن جريج قال: سألت عطاء عن الْحُدَاء، والشعر، والغناء، فقال:

لا بأس به ما لم يكن فُحْشًا. انتهى (?)، والله تعالى أعلم.

وبالسند المئصل إلى المؤلّف -رحمه الله- أوّل الكتاب قال:

[5872] ( ... ) - (وَحَدَّثَنِيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، جَمِيعًا عَنِ

ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ، أَوْ يَعْقُوبَ بْنِ عَاصِمٍ،

عَنِ الشَّرِيدِ، قَالَ: أَرْدَفَني رَسُولُ اللهِ -صلي الله عليه وسلم- خَلْفَهُ، فَذَكَرَ بِمِثْلِهِ).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015