المؤمن؛ لأنه معدن التقوى، لا الخمر المؤدي إلى اختلال العقل، وفساد
الرأي، وإتلاف المال (?).
وقال في "الفتح": الْحَبَلَة- بفتح المهملة، وحُكِيَ ضمها، وسكون
الموحّدة، وبفتحها أيضًا، وهو أشهر-: هي شجرة العنب، وقيل: أصل
الشجرة، وقيل: القضيب منها، وقال في "المحكم": الحبل- بفتحتين-: شجر
العنب، الواحدة حَبَلة، وبالضم، ثم السكون: الكرم، وقيل: الأصل من
أصوله، وهو أيضًا اسم ثمر السَّمُر، والعِضَاه. انتهى (?).
وقال ابن منظور: قال الأَزهريّ: وتفسير هذا- والله أَعلم- أن الكَرَمَ
الحقيقيّ هو من صفة الله تعالى، ثم هو من صفة مَنْ آمن به، وأَسلم
لأَمره، وهو مصدرٌ يُقام مُقام الموصوف، فيقال: رجل كَرَمٌ، ورجلان كرَم،
ورجال كرَم، وامرأَة كرَم، لا يُثَنَّى، ولا يُجمع، ولا يؤَنث؛ لأنه مصدر
أُقيمَ مُقام المنعوت، فخَفَّفَت العرب الكَرْم، وهم يريدون كَرَمَ شجرة العنب؛
لِمَا ذُلِّل من قُطوفه عند اليَنْع، وكَثُرَ من خيره في كل حال، وأَنه لا شوك
فيه يُؤْذي القاطف، فنهى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن تسميته بهذا الاسم؛ لأَنه يُعتصر منه
المسكر المنهيّ عن شربه، وأَنه يغيّر عقل شاربه، ويورث شربُه العداوة
والبَغْضاء، وتبذير المال في غير حقه، وقال: الرجل المسلم أَحقّ بهذه
الصفة من هذه الشجرة.
وقال بعضهم: سُمّي الكَرْمُ كَرْمًا؛ لأَن الخمر المتخذة منه تَحُثُّ على
السخاء والكَرَم، وتأْمر بمَكارِم الأَخلاق، فاشتقوا له اسمًا من الكَرَم للكرم
الذي يتولد منه؛ فكره النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن يسمى أَصل الخمر باسم مأخوذ من الكَرَم،
وجَعَل المؤْمن أَوْلى بهذا الاسم الحَسن، وأَنشد:
والخَمْرُ مُشتَقَّةُ المَعْنَى من الكَرَمِ
وكذلك سميت الخمر راحًا؛ لأَنَّ شاربها يَرْتاح للعَطاء؛ أي: يَخِفُّ.
وقال الزمخشريّ: أَراد - صلى الله عليه وسلم - أن يقرّر، ويسدِّد ما في قوله عز وجل: {إِنَّ