وحَكَى القرطبيّ عن المازريّ أن السبب في النهي أنه لمّا حُرّمت عليهم

الخمر، وكانت طباعهم تحثهم على الكرم، كَرِهَ - صلى الله عليه وسلم - أن يسمى هذا المحرم

باسم يُهيج طباعهم إليه عند ذِكره، فيكون ذلك كالمحرك لهم.

وتعقبه بأن محل النهي إنما هو تسمية العنب كرمًا، وليست العنبة محرمة،

والخمر لا تسمى عنبة، بل العنب قد يسمى خمرًا باسم ما يؤول إليه.

قال الحافظ: والذي قاله المازري موجَّه؛ لأنه يُحْمَل على إرادة حسم

المادة بترك تسمية أصل الخمر بهذا الاسم الحسن، ولذلك ورد النهي تارةً عن

العنب، وتارة عن شجرة العنب، فيكون التنفير بطريق الفحوى؛ لأنه إذا نُهِي

عن تسمية ما هو حلال في الحال بالاسم الحسن؛ لِمَا يحصل منه بالقوّة مما

يُنهى عنه، فلأن يُنهى عن تسمية ما يُنهى عنه بالاسم الحسن أحرى. انتهى (?)،

والله تعالى أعلم.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [2/ 5853 و 5854 و 5855 و 5856 و 5857]

(2247)، و (البخاريّ) في "الأدب" (6182)، و (أبو داود) في "الأدب"

(4974)، و (عبد الرزّاق) في "مصنّفه" (20937)، و (أحمد) في "مسنده" (2/

272 و 316 و 464 و 476 و 509)، و (الدارميّ) في "سننه" (2/ 382)، و (أبو

يعلى) في "مسنده" (11/ 220)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (5830 و 5832

و5833 و 5834)، و (البغويّ) في "شرح السنّة" (3385 و 3388)، والله تعالى

أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

1 - (منها): بيان النهي عن تسمية العنب بالكَرْم، قال القرطبيّ رحمه الله: هذا

النهي على جهة الإرشاد؛ لِمَا هو الأَولى في الإطلاق، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015