لهم، وأكثر ما يُوجد ذلك في كلام الشعراء والفصحاء، ولا شكَّ في كفر من

نسبَ تلك الأفعال، أو شيئًا منها للدَّهر حقيقة، واعتقد ذلك، وأما من جرت

هذه الألفاظ على لسانه، ولا يعتقد صحة تلك، فليس بكافر، ولكنه قد تشبَّه

بأهل الكفر، وبالجاهلية في الإطلاق، وقد ارتكب ما نهاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنه.

فَلْيتُب، وليستغفر الله تعالى، والدَّهر، والزمان، والأبد كلها بمعنى، وهو راجع

إلى حركات الفلك؛ وهي: الليل والنهار. انتهى (?).

والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام البحث فيه، ولله الحمد والمنّة.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّل الكتاب قال:

[5850] (. . .) - (وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا

مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:

"قَالَ اللهُ عز وجل يُؤْذِيني ابْنُ آدَمَ، يَقُولُ: يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ، فَلَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: يَا خَيْبَةَ

الدَّهْرِ، فَإِنِّي أنَا الدَّهْرُ، أُقَلِّبُ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ، فَإِذَا شِئْتُ قَبَضْتُهُمَا").

رجال هذا الإسناد: ستةٌ:

وكلّهم ذُكروا في الباب، وقبل باب.

وقوله: (فَلَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ: يَا خَيْبَةَ الدَّهْرِ) وفي رواية البخاريّ: "ولا

تقولوا: خيبة الدهر"، وفي غير البخاريّ: "واخيبة الدهر". "الخيبة" بفتح الخاء

المعجمة، وإسكان التحتانية، بعدها موحّدة: الحرمان، وهي بالنصب على

النُّدبة، كأنه فقد الدهر لِمَا يصدر عنه مما يكرهه، فنَدَبه مُتَفَجِّعًا عليه، أو

مُتَوَجِّعًا منه، وقال الداوديّ: هو دعاء على الدهر بالخيبة، وهو كقولهم:

قحط الله نوءها، يَدْعُون على الأرض بالقحط، وهي كلمة هذا أصلها، ثم

صارت تقال لكل مذموم، ووقع في رواية العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن

أبي هريرة عند أحمد بلفظ: "وا دهراه، وا دهراه" (?).

والحديث متّفق عليه، وقد مضى شرحه، وبيان مسائله، ولله الحمد والمنّة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015