الحيوان غير الناطق، فلو انفرد له هذا النظر ولم ينضم إليه التَّشفي الطبيعي
لم يعاتَب، والله تعالى أعلم، لكن: لمّا انضاف إليه التَّشفي الذي دلَّ عليه
سياق الحديث عُوتب عليه. والذي يؤيد ما ذكرنا: التمسك بأصل عصمة
الأنبياء- صلوات الله وسلامه عليهم-، وأنَّهم أعلمُ النَّاس بالله، وبأحكامه،
وأشدُّهم له خشيةً. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله (?)، وهو بحثٌ نفيسٌ، والله
تعالى أعلم.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّل الكتاب قال:
[5836] (. . .) - (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ- يَعْنِي: ابْنَ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِزَامِيَّ- عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -
قَالَ: "نَزَلَ نَبِيٌّ مِنَ الأنبِيَاءِ تَحْتَ شَجَرَةٍ، فَلَدَغَتْهُ نَمْلَةٌ، فَأَمَرَ بِجِهَازِهِ، فَأُخْرِجَ مِنْ
تَحْتِهَا، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا، فَاُحْرِقَتْ، فَأَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ: فَهَلَّا نَمْلَةً وَاحِدَةً؟ ").
رجال هذا الإسناد: خمسة:
1 - (الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِزَامِيُّ) المدنيّ، نزل عسقلان، لقبه
قُصيّ، ثقةٌ له غرائب [7] (ع) تقدم في "الطهارة" 26/ 653.
2 - (أَبُو الزِّنَادِ) عبد الله بن ذكوان القرشيّ مولاهم، أبو عبد الرحمن
المدنيّ، ثقةٌ فقيهٌ [5] (ت 130) أو بعدها (ع) تقدم في "المقدمة" 5/ 30.
3 - (الأَعْرَجُ) عبد الرحمن بن هُرْمُز القرشيّ مولاهم، أبو داود المدنيّ،
ثقةٌ ثبتٌ فقيهٌ [3] (117) (ع) تقدم في "الإيمان" 23/ 192.
والباقيان ذُكرا في الباب، وقبله.
وقوله: (فَلَدَغَتْهُ نَمْلَةٌ) بالدال المهملة، والغين المعجمة؛ أي: قرصته،
وليس هو بالذال المعجمة، والعين المهملة، فإن ذاك معناه الإحراق.
وقوله: (فَأَمَرَ بِجِهَازِهِ) ببناء الفعل للفاعل، و"الجهاز" بفتح الجيم، ويجوز
كسرها، بعدها زاي؛ أي: متاعه.