الفتى لم يقصد، ولم يتعمد قَتْل نفس مسلمة؛ إذلم يكن عنده علم من ذلك،

وإنما قصد إلى قتل ما سوَّغ له قتل نوعه شرعًا، فهذا قتل خطأ، ولا قصاص

فيه، فالأَولى أن يقال: إن كفار الجن، أو فَسَقَتهم قتلوا الفتى بصاحبهم عدوانًا

وانتقامًا، وإنما قال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "إن بالمدينة جنًّا قد أسلموا ... " إلى آخر

الحديث؛ ليبيِّن طريقًا يحصل به التحرُّز من قَتْل المسلم منهم، ويتسلط به على

قتل الكافر منهم، ولذلك قال: "فإذا رأيتم منها شيئًا فآذنوه ثلاثة أيام، فان بدا

لكم بعد ذلك فاقتلوه، فإنما هو شيطان"، ولذلك قال مالك: أحبُّ إلي أن

يُنذروا ثلاثة أيام، قال عيسى بن دينار: يُنذر ثلاثة أيام، وإن ظهر في اليوم

مرارا، ولا يقتصر على إنذاره ثلاث مرار في يوم واحد، حتى يكون في ثلاثة

أيام.

قال القرطبيّ: وهذا تنبيه: على أن من الناس من يقول: إن الإذن ثلاث

مرَّات، وهو الذي يُفهم من قوله: "فليُؤْذِنْه ثلاثًا"، ومن قوله: "وحَرِّجوا عليه

ثلاثًا"؛ لأنَّ ثلاثًا للعدد المؤنث، فيظهر: أن المراد ثلاث مرَّات، والأَولى ما

صار إليه مالك؛ لأنَّ قوله: "ثلاثة أيام" نصٌّ صحيح، مقيّد لتلك المطلقات،

فلا يُعدل عنه، ويمكن أن يُحمل تأنيث العدد على إرادة ليالي الأيام الثلاث،

فغلّب الليلة على عادة العرب في باب التاريخ، فإنَّها تغلّب فيها التأنيث.

انتهى (?)، والله تعالى أعلم.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمهُ اللهُ أوّل الكتاب قال:

[5826] ( ... ) - (وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرِ بْنِ

حَازِمٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: سَمِعْتُ أَسْمَاءَ بْنَ عُبَيْدٍ، يُحَدِّثُ عَنْ رَجُلٍ، يُقَالُ لَهُ:

السَّائِبُ -وَهُوَ عِنْدَنَا أَبُو السَّائِبِ- قَالَ: دَخَلْنَا (?) عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ،

فَبَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ، إِذْ سَمِعْنَا تَحْتَ سَرِيرِهِ حَرَكَةً، فَنَظَرْنَا، فَإِذَا حَيَّةٌ (?)، وَسَاقَ

الْحَدِيثَ بِقِصَّتِهِ، نَحْوَ حَدِيثِ مَالِكٍ، عَنْ صَيْقِيٍّ، وَقَالَ فِيهِ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015