وقال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: قول ابن مسعود -رضي الله عنه-: "فنحن نأخذها من فيه رطبة"

أي: مُستطابة، سهلة كالثمرة الرَّطبة، السهلة الجنَى. وقيل: معناه أي: نتلقاها

لنسمعها منه لأول نزولها، كالشيء الرَّطب في أول أحواله. والأول أوقع

تشبيهًا، ويدلّ عليه: قوله -صلى الله عليه وسلم- الخوارج: "يقرؤن القرآن رطبًا، لا يجاوز

حناجرهم"؛ أي: يستطيبون تلاوته، ولا يفهمون معانيه. انتهى (?).

(إِذْ خَرَجَتْ عَلَيْنَا حَيَّةٌ) "إذ" هي الفجائيّة؛ أي: ففاجأنا خروج حيّة،

(فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("اقْتُلُوهَا") فيه جواز قتل الحيّة للمُحْرم، وفي الحَرَم. (فَابْتَدَرْنَاهَا

لِنَقْتُلَهَا)؛ أي: أسرعنا إلى قتلها، وهو مِن بدرتُ إلى الشيء أبدُر بُدُورًا، من

باب قَعَد: أسرعت، وكذلك بادرت إليه، ويقال: ابتدروا السلاح؛ أي:

تسارعوا إلى أخذه (?). (فَسَبَقَتْنَا)؛ أي: دخلت جُحْرها قبل أن نقتلها، (فَقَالَ

رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "وَقَاهَا اللهُ شَرَّكُمْ، كَمَا وَقَاكُمْ شَرَّهَا) " بنصب "شرّ" في

الموضعين؛ لأنه مفعولٌ ثانٍ لـ"وقى"؛ أي: إن الله تعالى سلّمها منكم، كما

سلّمكم منها، وهو من مجاز المقابلة، قاله في "الفتح": وقال في موضع آخر:

قوله: "وُقِيَت شرَّكم، ووُقِيْتُم شرَّها"؛ أي: قَتْلكم إياها، وهو شرّ بالنسبة إليها،

وإن كان خيرًا بالنسبة إليهم. انتهى (?).

وقال في "العمدة": فمان قلت: كان قَتْلهم لها خيرًا؛ لأنه مأمور به.

قلت: هو شرّ بالنسبة إليها، والخيور والشرور من الأمور الإضافية.

انتهى (?)، والله تعالى أعلم.

مسائل تتعفق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- هذا متّفقٌ عليه.

[تنبيه]: للإمام الدارقطنيّ رحمهُ اللهُ كلام في طرُق حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-

هذا، ودونك نصّه:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015