ومِثْل الحيَّة الصغيرة الدقيقة في الخفّة والسرعة، ألا ترى قوله تعالى: {تَهْتَزُّ
كَأَنَّهَا جَانٌّ} [النمل: 10]، هكذا قال أهل اللغة، وأرباب المعاني.
وعلى الجملة: فأصل هذه البنية من: ج ن؛ للسترة، والتستر أينما
وقعت، فتتبَّعها تجدها كذلك، ووبيص الجانّ، وغيره: لمعانه، وبريقه. قال
عياض: وقيل: الجنَّان: ما لا يتعرض للناس، والجِنَّل: ما يتعرَّض لهم،
ويؤذيهم، وأنشدوا:
تَنَازَع جِنَّانٌ وَجِنٌّ وَجِنَّلُ
وعن ابن عبَّاس وابن عمر -رضي الله عنهم-: الجنَّان: مسخ الجنِّ، كما مُسخت
القردة من بني إسرائيل. وعوامر البيوت: هي ما يَعْمُره من الجنّ، فيتمثّل في
صُوَر الحيَّات، وفي غيرها (?).
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي لبابة -رضي الله عنه- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [1/ 5814 و 5815 و 5816 و 5817 و 5818
و5819 و 5820] ( ... )، و (البخاريّ) في "بدء الخلق" (3310 و 3312)
و"المغازي" (4016)، و (أبو داود) في "الأدب" (5253 و 5254 و 5255)،
و(مالك) في "الموطّأ" (2/ 975)، و (أحمد) في "مسنده" (3/ 430 و 452
و453)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (5639)، و (الطبرانيّ) في "الأوسط" (4/
170) و"الكبير" (5/ 31 و 32)، والله تعالى أعلم.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمهُ اللهُ أوّل الكتاب قال:
[5815] ... (-) وَحَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ،
حَدَّثَنَا نَافِعٌ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقْتُلُ الْحَيَّاتِ كُلَّهُنَّ، حَتَّى حَدَّثَنَا أَبُو
لُبَابَةَ بْنُ عَبْدِ الْمُنْذِرِ الْبَدْرِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- نَهَى عَنْ قَتْلِ جِنَّانِ الْبُيُوتِ،
فَأَمْسَكَ).