قد جاء في مواضع كثيرة من الشرع، منها: قوله في شارب الخمر: "لا تقبل له

صلاة أربعين يومًا" (?)، وقوله: "والذي نفسي بيده" إنه لَيُجْمَع خَلْق أحدكم في

بطن أمه أربعين يومًا، ثم يكون علقةً مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك" (?)،

وقوله: "من أخلص لله أربعين ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه" (?)،

ومنه قوله تعالى: {وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} [البقرة: 51]، ومنه: توقيته -صلى الله عليه وسلم- في

قص الشارب، وتقليم الأظفار، وحلق العانة: ألّا تُترك أكثر من أربعين ليلة،

فتخصيص هذه المواضع بهذا العدد الخاص: هو سرٌّ من أسرار الشريعة لم

يطلع عليه نصًّا، غير أنه قد تنسّم منه بعضُ علمائنا أمرًا تسكن النفسُ إليه،

وذلك: أنه قال: إن هذا العدد في هذه المواضع إنما خُصَّ بالذِّكر لأنَّه مدَّة

يكمل فيها ما ضربت له، فينتقل إلى غيره، ويحصل فيها تبدُّله، وبيانه بانتقال

أطوار الخلقة، في كل أربعين منها يكمل فيها طور، فينتقل عند انتهائه إلى

غيره، كما قد نصَّ عليه في الحديث، وكذلك في الأربعين الميعادية: أمر بنو

إسرائيل أن يكملوا تهيُّؤهم لسماع كلام الله، فكَمُل لهم ذلك عند انتهائها،

ومثل ذلك في الأربعين الإخلاصية، وأما أربعون شارب الخمر فلِيَتَبدَّل لحم

شارب الخمر بغيره، ويؤيده أن أهل التجارب قالوا: إن السِّمَن يظهر في

الحيوان في أربعين يومًا، وقريمث من هذا الأربعون المضروبة لخصال الفطرة؛

لأنَّها عند انتهائها يكمل فحشها، واستقذارها، فينبغي أن تغيّر عن حالها. وأما

أربعون إتيان العراف فلأنها -والله أعلم- المدة التي ينتهي إليها تأثير تلك

المعصية في قلب فاعلها، وفي جوارحه، وعند انتهائها ينتهي ذلك التأثير. والله

تعالى أعلم، وهو العليم الخبير. انتهى كلام القرطبيّ -رحمه الله- (?)، وهو بحثٌ

جيّد، والله تعالى أعلم.

[تنبيه]: قد ورد في ذم الكهانة ما أخرجه أصحاب "السنن"، وصححه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015