سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من أتى عَرّافًا لا تُقبل له صلاة أربعين ليلة" (?)،
فجعله من مسند عمر -رضي الله عنه-، والصحيح أنه من مسند بعض أزواج النبيّ -صلى الله عليه وسلم-،
كما أخرجه مسلم هنا، فوهم فيه الدراورديّ، وقد بيّن ذلك الحافظ ابن
رجب -رحمه الله- في "شرح علل الترمذيّ"، فقال في ترجمة عبد العزيز بن محمد
الدراورديّ: قال أحمد: أحاديثه عن عبيد الله بن عمر، تشبه أحاديث عبد الله بن
عمر، قال أبو حاتم الرازيّ: ظهر مصداق قول أحمد في حديث الدراورديّ
عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر: "من أتى عرّافًا فصدّقه بما يقول، لم
تُقبل له صلاة أربعين ليلة".
قال: والناس يروونه عن عبد الله العمري، عن نافع، عن ابن عمر،
وليس يُشبه هذا حديث عبيد الله، ورواه الدراورديّ، عن أبي بكر بن نافع، عن
أبيه، عن صفية بنت أبي عبيد، عن عمر، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ثم قال: وعن
عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر مثله.
قال ابن رجب: والصحيح أن عبيد الله بن عمر إنما رواه عن نافع، عن
صفية بنت أبي عبيد، عن بعض أزواج النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وهذا أصحّ من حديث أبي
بكر بن نافع، قاله ابن المدينيّ، وقد خَرَّجه مسلم في "صحيحه" من طريق
يحيى القطان، عن عبيد الله، كما ذكرناه، وقال النسائيّ: الدراورديّ ليس به
بأس، حديثه عن عبيد الله بن عمر منكرٌ. انتهى كلام ابن رجب -رحمه الله-، وهو
تحقيقٌ نفيسٌ جدًّا، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [20/ 5807] (2238)، و (أحمد) في "مسنده"
(4/ 68 و 5/ 380)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (8/ 138)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
1 - (منها): بيان أن إتيان العرافين كبيرة، يَمنع من قبول الصلاة أربعين
ليلةً.
2 - (ومنها): ما قال القرطبيّ -رحمه الله-: ظاهره أن صلواته في هذه الأربعين