الشهب إلا من سرعتها واحتكاكها بمادّة الجوّ كما يقدح الزناد، وهذا الرأي

أقرب إلى القرآن الكريم من رأي أهل اليونان.

وأما ما يستغربه بعض الناس من كون هذه الشهب رجومًا للشياطين، فهو

مجرّد استغراب واستبعاد، وليس على نفي ذلك دليلٌ قائم.

وقال الطنطاويّ في تفسيره "الجواهر" (8/ 14): إذا كان آباؤنا وحكماؤنا

كبُر عليهم أن يخالف القرآنُ علمَ الفلك في زمانهم، ولم يرض المفسّرون منهم

أن يبقوا على مذاهبهم الفلسفيّة، بل مشوا مع القرآن، ثم ظهر لهم بطلان

المذهب القديم، فهل هناك من مانع يمنع أن تكون الكواكب محرقةً، أو

مخبلة، أو مؤذيةً لتلك الأرواح؟ ذلك نسلّم به حتى ننظر في المستقبل.

انتهى (?).

5 - (ومنها): بيان أن ما يصدق فيه الكهّان إنما هو الذي اسْتَرَقَه الجنيّ

من كلام الملائكة، ثم يخلطون به مائة كذبة.

6 - (ومنها): أن فيه ما يدلّ على أن حملة العرش أفضل الملائكة،

وأعلاهم منزلة، وأن فضائل الملائكة على حسب مراتبهم في السموات.

7 - (ومنها): أن جميع الملائكة لا يعلمون شيئًا من الأمور الغيبيّة إلا

بأن يُعلمهم الله تعالى به، كما قال تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ

أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} [الجن: 26، 27].

8 - (ومنها): أن فيه أيضًا ما يدلّ على أن علوم الملائكة بالكائنات

يستفيده بعضهم من بعض، إلا حملة العرش؛ فإنهم يستفيدون علومهم من

الحقّ -سبحانه وتعالى-، فإنَّهم هم المبدوؤون بالإعلام أولًا، ثم إن ملائكة كل سماء تستفيد

من التي فوقها.

9 - (ومنها): أن فيه دليلًا على أن النجوم لا يُعْرَف بها علم الغيب، ولا

القضاء، ولو كان كذلك لكانت الملائكة أعلم بذلك وأحقّ به، وكل ما يتعاطاه

المنجمون من ذلك فليس شيء منه علمًا يقينًا؛ إنَّما هو رجم بظن، وتخمين

بِوَهْم، الإصابة فيه نادرة، والخطأ والكذب فيهم غالب، وهذا مشاهَد من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015