وقوله: "إن يكن من الشؤم شيء حقًّا ففي: الفرس، والمرأة، والدار"،
وفي اللفظ الآخر: "إن كان في شيء ففي الرَّبع، والخادم، والفرس" مقتضى
هذا المساق أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن محقّقًا لأمر الشؤم بهذه الثلاثة في الوقت الذي
نطق بهذا، لكنه تحققه بعد ذلك، لمّا قال: "إنما الشؤم في ثلاثة"، وقد بيّنّا
مراده بالشؤم فيما تقدَّم، والحمد لله.
والمراد بالربع: الدار، كما قال في الرواية الأخرى، وقد يصح حمله
على أعم من ذلك، فيدخل فيه: الدكان، والفندق، وغيرهما مما يصلح الربعِ
له، والمرأة تتناول الزوجة، والمملوكة، والخادم يتناول الذكر، والأنثى؛ لأنَّه
اسم جنس. انتهى كلام القرطبيّ -رحمه الله- (?).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي بيَّنه القرطبيّ -رحمه الله-، وفصّله
بيان، وتفصيل حسنُ جدًّا، يجمع بين أحاديث الباب المختلفة في الباب، والله
تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - هذا متّفقٌ عليه.
[تنبيه]: من الغريب أن الشيخ الألباني ضعّف حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - بهذا
اللفظ: "الشؤم في ثلاثة"، ولفظ: "إنما الشؤم في ثلاثة"، وادّعى أنه شاذّ،
وإنما المحفوظ لفظ: "إن كان الشؤم في شيء ففي ... ". انظر: كتابه "ضعيف
سنن النسائي" ص 130، و"السلسلة الصحيحة" 2/ 724 - 728 رقم 993،
واستدلّ على ذلك بإنكار عائشة - رضي الله عنهما - الآتي، مع أنه لا يصحّ لانقطاعه، كما
سيأتي بيانه.
وبالجملة فالحديث أخرجه الشيخان باللفظ المذكور، ولا سبيل إلى
تضعيفه، وقد تقدّم تأويله بما لا يتعارض مع حديث: "لا عدوى"، فتبصّر
بالإنصاف، ولا تكن أسير التقليد، والله الهادي إلى سواء السبيل.
(المسألة الثانية): في تخريجه: