السماء، وقال الجوهريّ: الرفيق الأعلى الجنة، ويؤيده ما وقع عند أبي
إسحاق: الرفيق الأعلى الجنة.
وقيل: بل الرفيق هنا اسم جنس يشمل الواحد، وما فوقه، والمراد:
الأنبياء، ومن ذُكر في الآية، وقد خُتمت بقوله: {وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}،
ونكتة الإتيان بهذه الكلمة بالإفراد الإشارةُ إلى أن أهل الجنة يدخلونها على
قلب رجل واحد، نبَّه عليه السهيليّ.
وزعم بعض المغاربة أنه يَحْتَمِل أن يراد بالرفيق الأعلى: الله عزوجل؛ لأنه
من أسمائه، كما أخرج مسلم، وأبو داود من حديث عبد الله بن مُغَفل -رضي الله عنه-،
رفعه: "إن الله رفيق، يحبّ الرفق". انتهى بتصرّف (?).
قال الجامع عفا الله عنه: ما قاله بعض المغاربة ليس ببعيد، ولكن الظاهر
هنا هو القول الذي قبله، وهو أن المراد بالرفيق هنا هم الذين ذُكروا في الآية،
فالمراد بالرفيق هنا معنى الجمع؛ أي: الرفقاء؛ لأنه يُطلق على الواحد، وعلى
الجماعة، قال في "القاموس"، و"شرحه": الرفيق: للواحِد، والجَمِيع، مثل
الصَّدِيق، والخَلِيط، ومنه قولُه تعالى: {وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}، والحديث:
"بل الرَّفِيقَ الأَعْلَى من الجَنَّةِ"؛ أَي: جَماعةَ الأَنْبياءَ. انتهى (?).
فتبيّن بهذا أن المراد بالرفيق هم الرفقاء، وهم الذين قال تعالي فيهم:
{فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ
أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69]، فتبصّر بالإمعان، والله تعالى الهادي إلى سواء
السبيل.
(قَالَتْ) عائشة -رضي الله عنهما- (فَذَهَبْتُ أنظُرُ) إليه -صلى الله عليه وسلم-، (فَإِذَا هُوَ قَدْ قَضَى)؛ أي:
مات، يقال: قضى فلان؛ أي: مات (?).
قال السهيليّ رحمه الله: الحكمة في اختتام كلام المصطفى -صلى الله عليه وسلم- بهذه الكلمة،
كونُها تتضمن التوحيد، والذكر بالقلب، حتى يُستفاد منه الرخصة لغيره أنه لا
يُشتَرَط أن يكون الذكر باللسان؛ لأن بعض الناس قد يمنعه من النطق مانع، فلا