والباقون ذُكروا في الباب الماضي، وقبل بابين، و"جرير@" هو: ابن
عبدالحميد.
[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد:
أنه من سُداسيّات المصنّف رحمه الله، وأنه مسلسل بالكوفيين، غير عائشة -رضي الله عنهما-
فمدنيّة، وغير شيخيه، فالأول مروزيّ، والثاني بغداديّ، وفيه ثلاثة من
التابعين، روى بعضهم عن بعض: الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق،
وفيه عائشة -رضي الله عنهما- من المكثرين السبعة.
شرح الحديث:
(عَنْ عَائِشَةَ) أمّ المؤمنين -رضي الله عنهما- أنها (قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ-صلى الله عليه وسلم- إِذَا
اشْتَكَى)؛ أي: مرِضَ، (مِنَّا)؛ أي: من أهل بيته -صلى الله عليه وسلم-، وفي رواية البخاريّ:
"كان يُعَوِّذ بعض أهله"، قال الحافظ -رضي الله عنه-: لم أقف على تعيينه (?). (إِنْسَانٌ
مَسَحَهُ)؛ أي: مسح محلّ وجعه، قال الطبريّ رحمه الله: هو على طريقة التفاؤل
لزوال ذلك الوجع. (بِيَمِينِهِ، ثُمَّ قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("أَذْهِبِ) بفتح الهمزة، وهي همزة
قطع؛ لأنه فعل أمْر من أذهب رباعيًّا، يقال: ذهب الأثرُ يذهب ذَهَابًا، ويُعدّى
بالحرف، وبالهمزة، فيقال: ذهبتُ به، وأذهبته، قاله الفيّوميّ (?)، وقوله:
(الْبَاسَ) منصوب على المفعولئة، وأصله الباس، بالهمز، خُفّف للمؤاخاة، قال
قيس بن الخطيم [من الطويل]:
يَقُولُ لِيَ الْحَدَّادُ وَهْوَ يَقُودُنِي ... إِلَى السَّجْنِ لَاتَجْزَعْ فَمَا بِكَ مِنْ بَاسِ
أراد: فما بك من بأس، فخفف (?).
والمراد به المرض، قال الفيّوميّ رحمه الله: البُؤسُ بالضم، وسكون الهمزة:
الضرّ، ويجوز التخفيف، ويقال: بَئِسَ بالكسر: إذا نزل به الضرّ، فهو بَائِسٌ،
وبُوسٌ، مثلُ قَرُبَ بَأْسًا: شَجُجَ، فهو بَئِيسٌ، على فَعِيل، وهو ذو بَأْسٍ؛ أي:
شدّة وقُوّة، قال الشاعر [من الوافر]: